Tip:
Highlight text to annotate it
X
"قصة الأشياء"
هل لديك جهاز كهذا ؟
لقد أصبحت مهووسة بعض الشيء بجهازي
في الحقيقة.. لقد أصبحت مهووسة بجميع أغراضي
هل سبق وأن فكرت من أين تأتي جميع الأشياء التي نشتريها
وأين تذهب بعد أن نرميها ؟
لم أستطع أن أتوقف عن التفكير في ذلك
لذلك قمت بالبحث
وما يقوله الكتاب أن الأشياء تتحرك داخل نظام معين
ابتداء من الاستخراج، إلى الإنتاج، إلى التوزيع، إلى الاستهلاك، ونهاية بالتخلص منها
كل هذه المراحل تشكل معا ما يعرف باسم ْ"اقتصاد المواد"ْ
حسنا.. لقد بحثت في هذا الأمر أكثر قليلا
في الحقيقة.. لقد أمضيت 10 سنوات في السفر حول العالم
متعقّبة للأشياء .. من أين تأتي وأين تذهب.
وهل تعرفون ماذا وجدت؟ هذه ليست القصة كاملة
هناك أمور كثيرة تنقص هذا التفسير
عند النظرة الأولى يبدو هذا النظام سليمًا .. لا مشكلة
لكن الحقيقة أن هذا النظام في أزمة
والسبب أن هذا النظام خطي.. ونحن نعيش على كوكب محدود
ولا يمكن استخدام نظام خطي على كوكب محدود إلى الأبد
في كل خطوة .. يتفاعل هذا النظام مع العالم الواقعي
في الحياة الواقعية لايحدث هذا النظام على مجرد ورقة بيضاء
بل يتفاعل مع المجتمعات.. الحضارات.. الاقتصاد.. البيئة
وعلى طول الطريق يصطدم بحدود مختلفة
حدود لا نراها هنا لأن هذا الرسم البياني غير مكتمل
لنعد إذا إلى الوراء ونملئ بعض الفراغات ونحدد ما ينقص
أحد أهم العناصر الناقصة هي الناس.. نعم الناس
الناس يعيشون ويعملون على طول هذا النظام
وبعض الناس في هذا النظام لهم أهمية أكثر من غيرهم
البعض لهم تأثير أكبر
من هم؟ حسنًا.. لنبدأ بالحكومة
نصحني بعض الأصدقاء بأن أستخدم دبابة لأرمز بها للحكومة
وهذا صحيح في الكثير من البلدان وبشكل متزايد في بلدنا نحن
ففي النهاية أكثر من 50 % من الضرائب التي ندفعها للدولة تذهب للجيش
لكنني استعمل إنسانا ليرمز إلى الحكومة
لأني أتمسك بالرؤية والقيم التي تقول بأن الحكومات يجب أن تكون
من الشعب، عن الشعب وللشعب
من واجب الجكومات أن تحمينا وتهتم بنا.. هذا عملهم
ومن ثم تأتي الشركات الكبيرة
الآن... سبب أن الشركات تبدو أكبر من الحكومة
هو أن الشركات أكبر من الحكومة
ضمن أكبر 100 اقتصاد في العالم.. الشركات تشكل نسبة 51 بالمئة
في الوقت الذي كانت تنمو فيه الشركات حجما وقوة، شاهدنا تغيير بسيط في الحكومة
حيث أصبحت الحكومة مهتمة أكثر بأن تسير الأمور على ما يرام للشركات... وليس بالنسبة لنا
حسنا.. لنرى ماذا ينقص هذه الصورة أيضا ؟
لنبدأ بمرحلة الاستخراج
وهي كلمة منمقة لاستغلال الموارد الطبيعية
والتي بدورها عبارة عن تسمية منمقة لتخريب الكوكب
وما يحدث هو أننا نقطع الأشجار، نفجر الجبال للحصول على المعادن بداخلها
نستخدم كل المياه ونقضي على الحيوانات
إذا هنا بدأنا بتجاوز حدنا الأول
لقد بدأنا باستنفاذ مواردنا.. نحن نستعمل أشياء أكثر من اللازم
أعرف أن هذا مؤلم لكنها الحقيقة وعلينا أن نتعامل معها
في العقود الثلاثة المنصرمة فقط
ثلث الموارد الطبيعية على كوكبنا استهلكت.. انتهت
نحن نقطع ونحفر ونحول وندمر المكان بسرعة هائلة
لدرجة أننا نقضي على قدرة الكوكب على استيعاب الناس
في الولايات المتحدة حيث أعيش، لم يتبق إلا 4 بالمئة من الغابات الأصلية
أربعون بالمئة من مجاري المياه لم تعد صالحة للشرب
ولا تقتصر مشكلتنا على أننا نستخدم أشياء كثيرة بل نتعدى ذلك لنستخدم أكثر من حصتنا
نحن نشكل 5% من سكان العالم
لكننا نستهلك30% من موارد العالم، وننتج 30% من نفايات العالم
لو كان معدل الاستهلاك في كل البلدان كما هو في الولايات المتحدة، لاحتجنا 3 إلى 5 كواكب
والحقيقة هي أننا لا نملك إلا كوكبا واحدًا
لذلك رد بلدي على محدودية الموارد هو بكل بساطة استعمال موارد البلدان الأخرى
أي موارد العالم الثالث
والتي قد يقول عنها البعض أنها مواردنا التي بطريقة ما وُجدت على أرض غيرنا
ماذا يحدث الآن؟ الأمر ذاته.. تدمير المكان
75%من أسماك العالم تصطاد بشكل يساوي أو يتعدى قدرة توالد الأسماك
80%من غابات كوكبنا الأصيلة اختفت
في الأمازون وحده، نحن نخسر 2000 شجرة في الدقيقة
ما يعادل مساحة 7 ملاعب كرة قدم في الدقيقة
وماذا عن الشعوب التي تعيش في هذه المناطق؟
حسنا، وفقا لهؤلاء الأشخاص فهم لا يملكون هذه الموارد حتى لو كانوا يعيشون هنا منذ عصور
هم لايملكون وسائل الانتاج، ولا يشترون الكثير من الأشياء
وفي هذا النظام إذا لم تملك أو تشتري الأشياء فلا قيمة لك
في المرحلة التالية.. تنتقل المواد إلى الانتاج
وما يحصل هنا أننا نستخدم الطاقة لخلط مواد كيميائية سامة بالموارد الطبيعية
لصنع منتجات ملوثة بالسموم
هناك أكثر من 100000 مادة كيميائية مستخدمة في صناعة البضائع التجارية اليوم
مقدار قليل منها خضع لاختبارات تحدد مدى تأثيرها على الصحة
ولم تخضع أي مادة منها لاختبارات التأثير التفاعلي على الصحة
أًي عندما تتفاعل هذه المواد مع مواد كيماوية أخرى نتعرض لها يوميا
لهذا السبب، لا نزال نجهل الأثر الكامل لهذه المواد السامة على الصحة والبيئة
لكننا نعرف شيئا واحدا وهو
السموم تدخل.. وفي النهاية ستخرج
طالما نحن نستمر بإدخال هذه السموم في أنظمة الإنتاج الصناعي
سنظل نتلقّى هذه السموم في الأشياء التي نحضرها للمنزل
وأماكن أعمالنا والمدارس وبالطبع.. أجسامنا
كعناصر تأخير الاحتراق
وهي مادة كيماوية تجعل الأشياء أكثر مقاومة للاحتراق لكنها سامة جداً
إنها سموم عصبية.. وهذا يعني أنها سامة للدماغ
لماذا نستعمل مواد كيميائية كهذه من الأصل؟؟
مع ذلك نستعلمها في أجهزة الكمبيوتر والآلات والمفروشات وحتى في بعض الوسائد
في الحقيقة نحن نغمس وسائدنا في سموم عصبية
ثم نأتي بها إلى المنزل ونضع رؤوسنا عليها وننام لثماني ساعات كل ليلة
لا أعلم.. لكن يبدو لي أننا في بلد كهذا يتمتع بقدرات عالية
يمكننا أن نفكر في طريقة أفضل لمنع وسائدنا من الاحتراق في الليل
الآن هذه السموم تتراكم في السلسلة الغذائية وتتركز في أجسامنا
أتعلم ما هو الغذاء الذي يحتل رأس السلسلة الغذائية والذي يحوي أعلى مستوى من الملوثات السامة؟
إنه حليب الأمهات
وهذا يعنني أننا وصلنا إلى نقطة حيث أصغر أعضاء مجتمعاتنا .. أطفالنا
يتلقون أعلى نسبة من السموم الكيماوية في حياتهم عندما يرضعون الحليب من أمهاتهم
أليس هذا انتهاكا صارخا !ً
يفترض بالرضاعة أن تكون أهم مصدر تغذية للإنسان
كما يفترض أن تكون مقدسة وسليمة
لكن بالرغم من ذلك، الرضاعة الطبيعية ما زالت الأفضل.. ويجب على الأمهات مواصلة إرضاع أطفالهم
لكن يجب أن نحميها.. هم عليهم أن يحموها
ظننت أنهم يهتمون بنا
وبالطبع فإن أكثر الناس عرضة لهذه السموم هم عمال المصانع
وكثير من هؤلاء العمال عبارة عن نساء في سن الإنجاب
يعملون مع مواد سامة ومسرطنة تؤثر على الصحة التناسلية وغيرها
الآن أسألكم.. أي امرأة في سن الانجاب
تقبل بوظيفة تعرضها لمواد تؤثر على الصحة التناسلية
غير المرأة التي لا خيار لها؟
وهنا تكمن إحدى "جماليات" هذا النظام
تآكل المجتمعات والاقتصاد المحلي هنا
يوفر المزيد من اليد العاملة التي لا خيار لها
على الصعيد العالمي 200 ألف شخص يوميا يغادرون بيئاتهم التي أمنت لهم الاستدامة لأجيال
إلى داخل المدن ليعيشوا في الأحياء الفقيرة ويبحثوا عن عمل مهما كان يعرضهم للسموم
الآن يمكنكم أن تروا أن هذا النظام لا يهدد الموارد فقط بل الناس أيضا
مجتمعات بأكملها تضيع
نعم، السموم تدخل.. وفي النهاية تخرج
كثير من السموم تغادر المصانع داخل المنتجات
لكن القسم الأكبر منها يغادر المصانع بشكل مواد فرعية أو تلوث
الكثير من التلوث
في الولايات المتحدة، يعترف قطاع الصناعة أنه يطلق أكثر من 4 مليار باوند من المواد الكيماوية السامة سنوياً
وعلى الأرجح أنها أكثر من ذلك لأن هذا فقط هو ما اعترفوا به
هذه مشكلة أخرى لأن لا أحد قد برغب بأن يرى ويشم أربعة مليار باوند من المواد الكيماوية السامة سنويا
إذا ماذا يفعلون؟
يتم نقل المصانع الملوثة عبر البحار.. وتتلوث أرض شعب آخر
لكن ثمة مفاجأة! قسم كبير من الهواء الملوث يعود إلينا محمولا بتيارات الرياح
إذا ماذا يحدث بعد أن تتحول الموارد الطبيعية إلى منتجات؟
تنتقل هنا.. للتوزيع
التوزيع يعني بيع كل الأشياء الملو ثّة بالسموم بأسرع وقت ممكن
الهدف هنا إبقاء الأسعار منخفضة والمستهلك يشتري وحركة البيع سارية
كيف يبقون الأسعار منخفضة؟
لا يدفعون لعمال المتجر كثيرا.. ويغضون النظر عن التأمين الصحي كلما تسنى لهم ذلك
وما يحدث هو أن الأسعار تصبح شكلية
هذا يعني أن كلفة صنع الأشياء لا تدخل في سعرها
أننا لا ندفع حقا ثمن الأشياء التي نشتريها
كنت أفكر في ما حدث لي في أحد الأيام
كنت أمشي للعمل وأردت الاستماع إلى الأخبار فتوقفت عند بائع لأشتري جهاز راديو
وجدت جهاز راديو صغير أخضر اللون وسعره 4 دولارات و 99 سنتا
وقفت في الصف أنتظر دوري لأشتري هذا الغرض فبدأت أفكر
كيف يمكن لأربعة دولارات و 99 سنتا أن تغطي كلفة صنع هذا الجهاز ووصوله بين يدي ؟
المعدن على الأرجح قد استخرج من جنوب أفريقيا
والنفط جاء من العراق
والبلاستيك انتج في الصين
وربما يكون من ركب الجهاز هو فتى عمره 15 عاما في أحد المصانع بالمكسيك
لا يمكن لسعر كهذا حتى أن يدفع اجار المساحة التي يحتلها على الرف لعرضه قبل أن اشتريه
بغض النظر عن راتب موظف المتجر الذي ساعدني على اختياره
أو قيمة الرحلات البحرية أو الشاحنات التي جاء عليها هذا الراديو
هكذا أدركت أنني لم أدفع ثمن جهاز الراديو
من دفع ثمنه إذا ؟ً
هؤلاء الذين دفعوا بخسارتهم لمواردهم الطبيعية
دفعوا بخسارتهم للهواء النقي وبارتفاع معدلات الإصابة بالربو والسرطان
أطفال في الكونغو دفعوا بمستقبلهم
30%من أطفال الكونغو أجبروا على ترك المدرسة للتنقيب عن الكولتان
معدن نحتاجه في إلكترونياتنا الرخيصة والمعدة للرمي
هؤلاء الناس دفعوا حتى بإجبارهم على تغطية نفقات تأمينهم الصحي
على طول هذا النظام.. كان الناس يدفعون لأحصل أنا على هذا الراديو بـ 4 دولارات و99 سنتا
ولم يسجل أحد هذه المساهمات في أي سجل للحسابات
هذا ما أعنيه عندما أقول أن أصحاب الشركات يجعلون الأسعار شكلية
وهذا ينقلنا إلى.. السهم الذهبي للاستهلاك
هنا يكمن قلب النظام والمحرك الذي يديره
إنه مهم لدرجة أن حماية هذا السهم أصبح من أولى الأولويات لهؤلاء الأشخاص
لهذا السبب، بعد حادثة 11 أيلول، عندما تعرض بلدنا لصدمة
بدل أن يقترح الرئيس بوش عددا من الأمور المناسبة
كالحداد
أو الصلاة
أو الأمل
لا.. كان اقتراحه هو التسوق
!!!التسوق
لقد أصبحنا أمة استهلاكية
أصبحت هويتنا الرئيسية أننا مستهلكين
لم نعد أمهات أو معلمات أو مزارعين بل مستهلكين
الطريقة الأساسية التي تظهر وتقاس بها قيمتنا
هو بمقدار مساهمتنا داخل هذا السهم
أي كمية استهلاكنا.. وصدقوني نحن نستهلك الكثير
نحن نشتري ونشتري ونشتري ونحافظ على تدفق سيل المواد إلينا
خمنوا كم هي نسبة المواد التي تنتقل في هذا النظام
والتي لا تزال تستعمل بعد 6 أشهر من تاريخ بيعها في أمريكا الشمالية؟
50% ?
20% ?
! لا.. 1% فقط
! واحد بالمئة فقط
بمعنى آخر أن 99% مما نزرعه، نستخرجه من المناجم، نعالجه، ننقله.. 99% مما نمرره بهذا النظام
يرمى كنفايات بعد 6 أشهر فقط
كيف لنا أن ندير كوكباً مع هذه الكمية من المواد المرمية ؟
لم يكن الأمر دائما على هذا النحو
المواطن الأميركي المتوسط يستهلك الآن ضعف ما كان يستهلك قبل خمسين عاماً
إسأل جدتك.. على أيامها كانوا يقدّرون كيفية ادخار المال
إذا كيف حدث هذا ؟
هذا لم يحدث من لاشيء.. بل تم تصميمه
يعد الحرب العالمية الثانية بقليل، فكر هذين الشخصين بكيفية تطوير الاقتصاد
قام المحلل "فيكتور ليبو" بتفصيل الحل الذي أصبح مبدأ هذا النظام
قال: إن اقتصادنا الذي يقوم بشكل كبير على الانتاج يتطلب أن نعتمد الاستهلاك كأسلوب حياة
فنحول شراء السلع واستعمالها إلى عادات
لنرضي حاجاتنا الروحية والأنانية بالاستهلاك
نحتاج إلى أشياء مستهلكة
تحترق، تستبدل، ويتخلص منها بمعدل متسارع
وقد قال رئيس مجلس المستشارين الاقنصاديين على أيام الرئيس آيزنهاور
"إن هدف الاقتصاد الأميركي الأول هو إنتاج المزيد من السلع للاستهلاك"
المزيد من السلع للاستهلاك؟
هدفنا الأول ؟
ليس تأمين الرعاية الصحية أو التعليم أو وسائل النقل الآمنة أو الاستدامة أو العدالة ؟
بل المزيد من السلع الاستهلاكية؟
كيف جعلونا نقتنع بهذا النظام بهذه السرعة وبهذا الحماس؟
حسنا.. اثنين من أهم استراتيجياتهم الفعالة هي الزوال المخطط له.. والزوال المعقول
الزوال المخطط له يعني أنه مصمم ليرمى في النفايات
أي أنهم في الواقع يصنعون أشياء تفقد قيمتها بأسرع وقت ممكن لكي نرميها ونشري آخر جديد
وهذا واضح في الأكياس البلاستيكية وأكواب القهوة. لكن الأمر يشمل أشياء أكبر الآن
المماسح، أقراص الدي في دي، الكاميرات، أدوات الشوي، وكل شيء.. حتى أجهزة الكمبيوتر
هل لاحظت أنه عندما تشتري جهاز كمبيوتر أن التكنولوجيا تتغير بسرعة حيث أنه في عامين فقط يصبح جهازك عائقا أمام التواصل
لقد كنت فضولية بهذا الشأن لذلك فقد قمت بفتح جهاز كمبيوتر مكتبي لأرى ما بداخله
فاكتشفت أن القطعة التي تتغير كل عام هي عبارة عن قطعة صغيرة موجودة في الزاوية
لكن لا يمكنك أن تغير هذه القطعة فقط لأن كل نسخة تأتي بشكل جديد
لذلك يتعين عليك أن ترمي الكمبيوتر كله وتشتري آخر جديد
كنت أقرأ مجلات من الخمسينات حول التصميم الصناعي عندما كان الزوال المخطط له في أوج انتشاره
كان المصممون منفتحون جدا إزاء هذه الخطة
فكانوا يناقشون السرعة التي يمكن بها للأشياء أن تنكسر والمحافظة في الوقت نفسه على ثقة المستهلك بالمنتج ليذهب ويشتري آخر
! لقد كان الأمر مقصودًا
لكن الأشياء لا تتكسر بسرعة كافية تبقي الاستهلاك ساريًا
وهنا يأتي الزوال المعقول
والزوال المعقول يقنعنا برمي أشياء لا زالت سليمة وقابلة للاستعمال
كيف يفعلون ذلك؟ يغيرون شكل الأشياء
فإذا اشتريت الشيء منذ سنوات قليلة يمكن للناس أن يعرفوا إنك لم تساهم في الاستهلاك مؤخراً
وبما أننا نثبت قيمتنا بمساهمتنا في هذا السهم.. فإن الوضع قد يصبح محرجًا
مثلما حدث عندما كنت أملك الشاشة البيضاء الكبيرة على مكتبي لأكثر من 5 سنوات
زميلتي بالعمل قد اشترت جهازًا جديدًا.. وكان لديها شاشة مسطحة، ملساء وبرّاقة
يتناسب مع شكل كمبيوترها، وهاتفها حتى مع حاملة أقلامها
هي تبدو كأنها تقود مركبة فضائية
في حين أن جهازي يبدو كغسالة على مكتبي
الموضة هي مثال جيد أيضًا
تساءلت يوما لماذا يتبدل كعب الأحذية النسائية في الشكل ما بين رفيع وعريض من سنة لأخرى ؟
ليس السبب هو الجدل الدائر حول أي الأنواع صحي أكثر لأقدام النساء
السبب هو أن انتعال حذاء بكعب عريض في السنة التي يدرج فيها انتعال الحذاء ذو الكعب الرفيع
تري الآخرين أنك لم تقومي بالاستهلاك مؤخرًا لذلك فأنت ليس لك قيمة مقارنة بالمرأة بجانبك والمنتعلة لحذاء ذو كعب رفيع
أو مقارنة بالنساء اللاتي يظهرن في الإعلانات
كل ذلك مصمم لجعلك تشترين أحذية جديدة
تلعب الإعلانات والإعلام عموما دورا كبيرا في هذا المجال
كل واحد منا في الولايات المتحدة مستهدف بأكثر من 3000 إعلان في اليوم
كل فرد منا يشاهد إعلانات سنويا أكثر مما شاهد أسلافنا منذ خمسين سنة في حياتهم كلها
وإذا فكرت في الأمر.. ما الهدف من الإعلان إلا جعلنا غير سعداء بما نملك
لذلك 3000 مرة في اليوم يقال لنا: أن شعرنا سيء، بشرتنا سيئة، ملابسنا سيئة، أثاثنا سيء، سياراتنا سيئة، و"نحن" سيئون
وكل ذلك يمكن أن يتعدل فقط بخروجنا للتسوق
الإعلام أيضا يساعد في تغطية كل هذا.. وكل هذا
فيكون الجزء الوحيد الذي نراه من اقتصاد المواد هو التسوق
يبقى الاستخراج والانتاج والرمي خارج مجال نظرنا
في الولايات المتحدة لدينا أشياء أكثر من أي وقت مضى
لكن استطلاعات الرأي تشير إلى أن السعادة في بلدنا تتدهور
سعادتنا بلغت قمتها في الخمسينات
في الوقت نفسه الذي انطلقت فيه روح الاستهلاك
! هممممم.. مصادفة مثيرة للعجب
أظنني أعرف السبب
لدينا الكثير من الأشياء.. لكن القليل من الوقت لنقضيه بما يسعدنا
الأصدقاء.. العائلة.. وقت الراحة
أصبحنا نعمل أكثر من أي وقت مضى
يقول بعض المحللين أن وقت الراحة الذي نحظى به الآن أقل مما كان عليه في زمن الإقطاع
وهل تعلمون ما هي الأنشطة الرئيسية التي نقوم بها وقت الفراغ ؟
مشاهدة التلفاز والتسوق
في الولايات المتحدة نمضي وقتا أكبر بثلاث أو أربع مرات في التسوق مقارنة بسكان أوربا
نحن إذا داخل هذا الوضع السخيف حيث نذهب إلى العمل.. وربما إلى وظيفتين
ونرجع إلى المنزل مرهقين فنرتمي على الأريكة ونشاهد التلفاز
ولا تنفك الإعلانات بإخبارنا أننا سيئون.. فنذهب للسوق لنشتري شيئا يشعرنا بالتحسن
ثم نعمل أكثر لندفع ثمن ما اشتريناه
فنعود إلى المنزل مرهقون أكثر.. ونشاهد التلفاز أكثر
حتى نذهب للسوق مجددا.. فنعلق في دوامة العمل والمشاهدة والتسوق المستمرة
يمكننا التوقف عن هذا
وفي النهاية، ماذا يحصل لكل الأشياء التي نشتريها؟
بمعدل الاستهلاك هذا، لا تستوعب منازلنا كل هذه الأغراض
بالرغم من أن حجم المنزل المتوسط قد تضاعف في هذا البلد منذ السبعينات
كل شيء يرمى في النفايات.. وبهذا نصل لمرحلة الرمي
هذه المرحلة من اقتصاد المواد نعرفها كلنا لأننا نضطر لنقل النفايات إلى المكب بأنفسنا
كًل واحد منا في الولايات المتحدة ينتج أربعة باوندات ونصف من النفايات يوميًا
ما يعادل ضعف الكمية التي كنا نرميها منذ ثلاثين سنة
كل هذه النفايات مصيرها إما الطمر في المكبات الأرضية.. وهي عبارة عن مجرد حفرة في الأرض
أو إن لم تكن محظوظا.. فهي تحرق ثم ترمى في المكبات الأرضية
في كلا الحالتين يتم تلويث الهواء.. التربة.. والمياه
دون أن ننسى تغير المناخ
وحرق النفايات حل سيء جدًا
أتذكرون المواد السامة التي تحدثنا عنها في مرحلة الإنتاج؟
حرق النفايات يطلق هذه السموم في الهواء
بل أسوأ من ذلك.. فإنه ينتج سموم أخطر بكثير كالديوكسين
ويعتبر الديوكسين المادة السامة الأكثر خطورة بين المواد من صنع الإنسان
والمحارق هي المصدر الأول للديوكسين
هذا يعني أنه بإمكاننا وقف المصدر الأول للمادة الأكثر خطورة من صنع الإنسان
فقط بالتوقف عن حرق النفايات
يمكننا أن نوقف هذا اليوم
الآن بعض الشركات لا تريد أن تقوم بعمل المحارق والمطامر هنا
فتقوم بتصدير النفايات أيضا
ماذا عن إعادة التدوير ؟
هل يساعد في الحل ؟
نعم.. إعادة التدوير مفيدة
فهو يقلل من النفايات في هذه الناحية.. ويقلل من الضغط على المناجم للحصول على أشياء جديدة من هذه الناحية
نعم.. نعم.. نعم.. علينا أن نلجأ للتدوير
لكنه ليس بالحل الكافي
ولن يكون كذلك
لعدد من الأسباب
أولا ، لا تشكل النفايات المنزلية سوى جزءا بسيطا من المشكلة
إذ أنه مقابل كل سلة نفايات تضعها في المكب
يرمى ما يعادل 70 سلة نفايات من المصادر التي قامت بتصنيع ما تحتويه سلتك أنت في مصبات الأنهار
إذا حتى لو استطعنا تدوير نسبة 100 % من النفايات المنزلية
فلن نصل إلى قلب المشكلة
إضافة إلى ذلك، ليست كل النفايات قابلة للتدوير
إما لأنها تحتوي على الكثير من السموم
أو لأنها مصممة أصلا بشكل يمنع تدويرها
كعلب العصير
حيث تكون مغلفة بطبقات متداخلة من الحديد والورق والبلاستيك
فلا تستطيع الفصل بين هذه الطبقات لتدويرها
الآن أصبحت تعلم لماذا يعاني هذا النظام من أزمة. ففي كل الاتجاهات هناك مشاكل لنصطدم بها
من تغير المناخ إلى تدهور السعادة.. لا نستطيع أن نكمل هكذا
لكن الأمر الجيد حول هذه المشكلة المتفشية أن هناك نقاط كثيرة للتدخل
ثمة أشخاص هنا يعملون على حماية الغابات
وآخرون هنا لجعل الإنتاج أنظف
أناس يعملون على حقوق العمال والتجارة العادلة والاستهلاك الواعي
ووقف المطامر والمحارق
والأهم من ذلك، استعادة حكومتنا لتكون فعلا من الشعب وللشعب
كل هذا الجهد مهم جدا
لكن التغيير يبدأ عندما نرى كل الروابط.. عندما نرى الصورة الكبيرة للمشكلة
عندما يتحد الناس على طول هذا النظام
يمكننا استعادة ومعالجة هذا النظام الخطي وتحويله إلى نظام جديد
نظام لا يؤدي إلى تدمير الموارد أو الناس
لأن ما يجب التخلص منه هو عقلية الاستهلاك السريع
ثمة عقلية جديدة في هذا المجال تقوم على الاستدامة والمساواة
والكيمياء الخضراء
تقليص حجم النفايات، وإنتاج مواد قابلة للتدوير كليًا
الطاقة المتجددة
اقتصادات المعيشة المحلية
التغيير على قدم وساق
قد يقول البعض إنه غير واقعي أو مثالي ولن يتحقق
لكنني أقول أن الغير واقعيين هم الذين يريدون الاستمرار على الطريقة القديمة
إنهم يحلمون
تذكروا.. أن هذا النظام القديم لم يحصل مصادفة
إنه ليس كالجاذبية الأرضية.. نضطر فقط للتعايش معها
أناس ابتكروه.. ونحن أناس أيضا
فلنبتكر شيء جديد
{\pos(321,412)}http://www.youtube.com/user/m367410