Tip:
Highlight text to annotate it
X
لا علاقة لهذا بالفيزياء على الإطلاق، بل بسباق المشي هذه هي القواعد: يجب أن تكون القدم
دائماً على الأرض، و يجب أن تكون الساق الأمامية دائماً ممدودة.
باختصار، امش بطريقة مضحكة بسرعة. و هناك شيء آخر مضحك بالنسبة لقواعد اللعبة
الحكام الذين يقررون ما إذا كان المتسابق "ماشياً" بالفعل يجب أن
يقرروا و هم واقفون على جانب المسار، و يجب أن يقرروا بالعين المجردة ما إذا كان المتسابق
يبدو ماشياً. قد تفكر أن في رياضة تعريفها دقيق و فني جداً،
قد يرغب القائمون عليها باستخدام كل الوسائل التكنولوجية المتاحة لتطبيق قواعد الرياضة.
فهل سباق المشي ما زال في العصور المظلمة؟ أعني: هناك العديد من الرياضات التي لا
تسمح للحكام باستخدام الإعادات البطيئة، لكن عندما تنظر إلى استخدام الإلكترونيات في لعبة مبارزة سيف الشيش،
الكاميرات في خط النهاية في السباقات، الألواح الحساسة للمس في السباحة، و المتابعة ثلاثية الأبعاد لكرة
التنس و رسم مسارها.. قد يبدو حكام سباق المشي متأخرين جداً.
فهم ممنوعون من المراقبة من مستوى الأرض أو من استخدام التكنولوجيا
كالنظارات المقربة أو المرايا.
فما هي القصة وراء كل هذا المنع؟
لو نظرت جيداً في تصوير بطيئ أو لصور فوتوغرافية لمتسابقي المشي أنفسهم،
لوجدت أن أقدام جميع المتسابقين ترتفع عن الأرض.. ليس مجرد في بعض الأحيان
بسبب دفعة أو تعثر (و هذا مسموح)، و لكن دائماً و في كل خطوة تقريباً. في الحقيقة،
مسألة ارتفاع أقدام متسابقي المشي عن الأرض هي حقيقة يقر بها المهتمين و المتابعين لسباقات المشي
حيث قد تكون القدم مرتفعة عن الأرض عشر الوقت تقريباً.. فالكل مخالف لقواعد اللعبة.
هناك الكثير من القواعد العشوائية في الرياضات. لكن حقيقة أن أغلب الرياضيين يخالفون
القاعدة المحددة و المعرّفة لرياضة سباق المشي فهو شي غريبً جداً.
و هذا لا يتساوى مثلاً مع الشك أن كل قائدي الدراجات الهوائية قد أخذوا مواد منشطة
لأننا نحاول دائماً و جاهدين أن نفحص و نطرد الرياضيين المتعاطين للمنشطات، لكننا نستطيع بكل
سهولة و في نطاق التكنولوجيا الحالية أن نحدد المخالفين لقواعد رياضة سباق المشي. هذا الخوف الشديد
من استخدام التكنولوجيا في سباق المشي ينبع من الحقيقة المرة أن الرياضة لن تكون موجودة عند استخدامنا
للكاميرات أو وسائل التكنولوجيا الأخرى.
و هذا يدعو للسؤال عن ماهية الرياضة. لأن كل الرياضات هي عبارة عن بعض
القواعد العشوائية التي تحدد المسموح و غير المسموح و تكون ملزمة للمتسابقين، و ذلك لغرض الاستمتاع و التحدي.
أعني أن هناك سبباً أن سباقات المضمار و الميدان تمنع استخدام الدراجات الهوائية،
و أن سباقات الدراجات الهوائية تمنع استخدام الدراجات النارية، و أن سباقات الدراجات النارية تمنع استخدام الصواريخ..
قد تكون هذه الأسباب للمنع هني نفسها أسباب منع استخدام التكنولوجيا في سباقات المشي.. لأن
الهدف ليس بقاء قدم المتسابق على الأرض، و لكن الهدف هو أن معرفة المتسابق الأسرع الماشي
بطريقة مضحكة، تماماً كالوثب الثلاثي.. فالهدف هو معرفة المتسابق الذي يستطيع قفز أطول مسافة بطريقة مضحكة،
و في سباق العقبات الهدف هو معرفة الأسرع بتخطي حواجز بلاستيكية، و في التنس الهدف هو
معرفة من يستطيع ضرب الكرة فوق الشبك لكن في خطوط محددة
و بواسطة مضرب، و ليس مضرب تنس طاولة أو اليدان أو الأقدام. الرياضة لا تعنى بالرياضة نفسها
بل تعنى بالرياضيين و نضالهم. الرياضة تعنى بما نستطيع فعله لندفع بحدود
القدرة البشرية، و لكن في حدود قواعد اللعبة الرياضية.
فهل يعتبر سباق المشي رياضة في حالة نكران—متمسكة بالماضي و رافضة رفضاً قاطعاً للسماح
باستخدام التطور التكنولوجي الذي يطور من حيث المبدأ قدرة الحكام على أداء واجبهم—
و لكن في الحقيقة يهز أركان الرياضة بأكملها؟ لا أدري. و لكن هل متسابقي المشي رياضيين؟ بكل تأكيد.