Tip:
Highlight text to annotate it
X
ترجمة : حموده FreeAtheist
إذا ً ما هو الشيء الجميل في كون ٍ إجمالي طاقته تساوي صفر ؟
أن كونا ً كهذا من الممكن أن يبدأ من لا شيء
وهذا أمر ٌ مدهش
لأن قوانين الفيزياء تسمح للكون أن يبدأ من لاشيء , لا تحتاج لآلهة
فإذا كان لديك اللاشيء وإجمالي طاقتة يساوي صفر فإنه بإمكان التذبذبات الكمية أن تخلق كونا ً
إذا ً لو أن الكون ليس مسطحا ً سنقلق لأن ذلك يعني أن الطاقة كانت موجودة عند بداية الزمن
وهذا كان سببا ً إضافيا ً لكي يجعل أناسا ً ً مثلي متأكدين بأن كوننا مسطحا ً
ولكن الراصدين الفلكيين الملاعين جاءوا بأرقام غير مطابقة
هذه طريقة حقيرة لقياس الإنحناء الكوني إذا أردنا قياسه بإستخدام مباشر لعلم الهندسة
إذا ً بإمكننا قياس الإنحناء الكوني
وللقيام بذلك أريد أن أسألكم كيف يتسنى لنا قياس إنحناء الكرة الأرضية إذا لم يكن بإمكاننا أن نرها من الخارج بإستخدام الأقمار الصناعية ؟
أو بدون الإلتفاف حولها
الأمر في غاية البساطة , نرسم مثلثا ً ثم نسأل طالب أوروبي في الثانوية كم يبلغ مجموع زوايا المثلث
لكن على سطح ٍ منحن ٍ فإن رسم المثلث سيختلف كثيرا ً , بحيث أرسم خط الإستواء , ثم أقوم بوضع الزاوية اليمنى للمثلث وذلك بواسطة مدّ خط من خط الإستواء وحتى القطب المتجمد الشمالي
ثم أقوم بوضع الزاوية اليسرى بمدّ خط من القطب الشمالي إلى خط الأستواء , وهكذا يصبح عندي مثلث بثلاث زوايا 3 * 90 = 270
إذا ً لو تمكنت من عمل مثلث كبير على سطح الأرض سوف أستطيع عندها أن أقيس إنحناء الكرة الارضية ولن أضطر للدوران حولها
وقد تبيّن لنا حتى وإن كانت الصوره أمامنا ثنائية الأبعاد بأنه يمكن أن نطبق نفس الشيء على الكون ثلاثي الأبعاد
فإذا تمكنت من أن احصل على مثلث كبير ثم قمت بقياس زوايا هذا المثلث عندها أستطيع أن أحسب الإنحناء الكوني
وقد تمكنا خلال العقد الماضي من أن نجد هذا المثلث الكبير الذي نحتاج له , وأريد أن أتحدث معكم في هذا الأمر لخمسة دقائق
لأن هذا الأمر قد يمثل أعظم ما تم رصده في الكوزمولوجيا
وهو الأمر المتعلق برصدنا للوهج المسمى ب " إشعاع الخلفية الميكرويفي الكوني " الناجم عن الإنفجار العظيم
وهو أحد الأسباب الكثيرة التي تأكد لنا حدوث الإنفجار العظيم
ما نقوم به عندما ننظر للفضاء هو أننا ننظر لمجرات فلنقل أنها تبعد عنا مليار سنة ضوئية فنراها كما كان حالها قبل مليار سنة
ولكن إذا علمنا أن عمر الكون هو 13.72 مليار سنة وتمكنا من النظر في الفضاء إلى أقصى مدى فالمقروض أن نتمكن من رؤية الإنفجار العظيم
أليس كذلك ؟
ولكن فعليا ً لا نستطيع أن نصل بمدى رؤيتنا حتى نبلغ بها الإنفجار العظيم
وذلك لوجود جدار ما بيننا وبين الإنفجار العظيم
كجدار هذه الغرفة , رغم أن الجدار الذي يعترض مدى رؤيتنا ليس صلابا ً الى هذه الدرجة ولكن كونه جدارا ً غير نافذا ً فذلك يعني أنني لن اتمكن من الرؤيا من خلاله
فإذا نظرت إلى الكون فيما ماضي فقد كان يسخن أكثر فأكثر وعندما بلغ عمر الكون مائة ألف سنة بلغت درجة حرارته ثلاثة الآف درجة مئوية
أي أقل حرارة ً بقليل من حرارة " فينكس " في هذا الأسبوع
وعلى درجة الحرارة تلك (3000 ْ) تكون الإشعاعات على درجة من السخونة بما يكفي لكي تنشطر الذرات وبشكل خاص ذرات الهايدروجين
بحيث تفصل البروتونات والإلكترونات ونتيجة ذلك تتكوّن " البلازما المشحونة " والتي بطبيعتها لا تسمح للأشعة بالنفاذ
لذا لا يمكننا أن نصل بمدى الرؤيا حتى نصل لتلك الحقبة من الزمن , وذلك ببساطه لأن الكون غير نافذ
ولكن لا بأس في ذلك , فالسبب الذي يمكّنني من أن أرى هذا الجدار هو أن الضوء الصادر عن المصابيح يرتد على الذرات الموجودة على سطح الجدار التي تقوم بدورها يإعادة نشر الأشعة
لكن الهواء يسمح بالنفاذ بحيث أستطيع أن أصل بنظري حتى ابلغ به الجدار
إذا قمنا يإستعراض سريع للفيلم الكوني حيث كان الكون غير نافذ للأشعة لمدة طويله ثم أصبح محايدا ً عندما إلتحمت البروتونات مع الإلكترونات فعندما تكون المواد محايدة يصبح بإمكان الإشعاع النفاذ من خلالها
وهذا يعني أنه بإمكاني أن أصل بنظري إلى ذلك السطح المشع البعيد
فما ينبئنا بوقوع الإنفجار العظيم هو أنه يجب أن يأتي الأشعاع نحوي من كل إتجاه من ذلك السطح الذي يدعى ب" السطح المُشتت الأخير "
لقد كانت درجة الحرارة ثلاثة الآف درجة حينها وأصبحت ثلاث درجات الآن
وهذه الأشعة تم إكتشافها بالصدفة في " نيو جيرزي "
من قِبل شخصين لم يكن لديهما أدنى فكرة عما يقومان به
وقد فازا بجائزة نوبل على أية حال
لأنهما إكتشفا الوهج الإشعاعي الناجم عن الإنفجار العظيم , مره أخرى سأتشعّب قي الحديث حيث لا أتمالك نفسي فالأمر مدهش
فإذا أردتم إقناع المشككين .... قد لا تستطيعون ابدا ً إقناع هؤلاء الناس الذين لا يصدقون ولكن على أية حال
أنتم جميعا ً سبق وأن شاهدتم هذه الإشعاعات
على الإقل من منكم من جيلي أي ما قبل التوزيع الكابلي لبرامج التلفزيون
هل تذكرون عندما كانت القناوات التلفزيونية تنهي إرسالها فتصبح الشاشه ساكنة ؟
واحد بالمئه من الإشارة الساكنة على تلفازكم هو إشعاع الخلفية الميكرويفي الكوني
إذا ً قد رأيتموه جميعكم
ولكن المدهش بالأمر أننا لم نعلم بوجوده حتى عام 1965
وفي الحقيقة تنبأ بها " جورج جامو " ولكن الناس نسوا ذلك
على أية حال , وعلى رغم ما يبدو عليه هذا التاريخ من إثارة فعلى السطح هنالك مقياس بالغ الأهمية
ومقداره درجة واحده , لماذا درجة واحدة ؟
لأن هذه الدرجة تمثل مسافة مئة ألف سنة ضوئية (وحدة قياس للمسافات الفضائيه حيث الدرجة الواحده دائما ً تعادل مسافة مئة ألف سنة ضوئية)
وهذا السطح وجد عندما كان عمر الكون مائة الف سنة , وقد قال لنا أينشتاين أنه ليس بإمكان للمعلومات أن تنتقل بسرعة أعلى من سرعة الضوء
وهذا يعني أنه لا يمكن لما حدث في مكان ما هنا أن يؤثر في مكان أخر بعيد عنه هناك
ولكن ما هو أهم من ذلك , إذا كان لدينا كتلة من المادة ستدرك هذه الكتله كينونتها فتبدأ بالإنهيار
ولكن لو كان لدينا كتلة أخرى أكبر بكثير في ذلك الزمن فلن تدرك ماهية كينونتها ككتلة لأن الجاذبية لن تستطيع أن تعبر خلالها
إذا الأمر يشبه شخصية " وايلي كايوتي " الكرتونية عندما يهوي من حافة الجرف فيتوقف قليلا ً في الهواء قبل السقوط
وهذه الكتل العملاقة لا تنهار , لذلك فإن أكبر الكتل العصية على الإنهيار في ذلك الزمن سيكون حجمها يعادل مقداره درجة واحدة
وهذا يعطينا المثلث الكوني الذي نبحث عنه
فنحن لدينا مسطرة يبلغ طولها مئة الف سنة ضوئية وهو نفس طول أكبر كتلة
ونحن نعلم المسافة بيننا وبين تلك الكتلة , وفي كون ٍ مسطح نعلم أن أشعة الضوء تنتقل في خطوط مستقيمة
وبإمكاننا أن نقيس الزوايا الثلاثه للمثلث إبتداء ً من الزاوية التي تنطلق من أعيننا وحتى الوصول الى الزاويتين الموجودتان على طرفي مسطرتنا التي يبلغ عرضها درجة واحدة (مائة الف سنة)
في كون ٍ مفتوح إشعة الضوء تتشتت وأنت تنظر في الزمن الى الوراء
وقد ينتج عن التشتت ما يعادل الإنحراف بنصف درجة وهذا يعني أن المسطرة ستبدو أصغر
وفي كون ٍ مغلق فإن أشعة الضوء سوف تتجمع وأنت تنظر في الزمن إلى الوراء مما يعني أن المسطرة ستبدو أكبر
إذا ً كل ما علينا فعله هو أن ننظر الى سطح ذلك الجدار المايكرويفي لكي نحاول قياس الكتل التي يتشكل منها
ونرى كم يبلغ طول الكتل هل هي بطول نصف درجة أو درجة أو درجتان , وقد تمكنا من القيام بذلك في العقد الماضي
هذه كانت أول تجربة تمكنت من القيام بذلك وأطلق عليها أسم " تجربة البومرانغ أو الكيد المرتد " وقد إنطلقت من القارة القطبية الجنوبية
وهي عبارة عن بالون يحمل الراديومتر " مقياس كثافة الطاقة الإشعاعية " حيث طار به بعيدا ً عن سطح الارض
لكي يرصد الإشعاع ويلتقط صورة ً له
وقد دار هذا البالون حول العالم وهو الأمر الذي يسهل القيام به في القطب الجنوبي فما عليك إلا أن تدور حول نفسك هكذا
وهذه هي الصورة , إنها صوره مزيفة تم تلوينها حيث قمت بتركيبها على الصوره الاصلية
هذه هي صورة الخلفية الميكرويفيه تبدو فيها البقع الساخنه والباردة
وتظهر فيها الكتل التي وجدت في وقت مبكر من عمر الكون , والسؤال هو كم يبلغ حجم هذه الكتل
وهذه صورة مزيفة وملونه أخرى لنفس المنطقة , وبإمكاننا أن نطابق هذه الصوره مع أكوان نولّدها على الكمبيوتر
على اليسار يظهر كون ٌ مغلق حيث الكتل تبدو أكبر , وعلى اليمين كون مفتوح وروبما لا تستطيعون ان تروها جيدا ً نظرا ً لأن جودة الصورة سيئة حيث تبدو الكتل أصغر من الكتل في الكون المفتوح
ولكن كما هو الحال في حكاية " جولدي لوكس " في كون ٍ مسطح التطابق يكون مثالي
في حقيقة الأمر نحن الآن نعلم بدقة تتجاوز الواحد بالمئه أن الكون مسطح
وطاقته الإجمالية تبلغ صفرا ً
ومن الممكن أن يكون قد أتى من اللاشيء
وقد كتبت قطعة جلبت لي الكثير من رسائل الكراهية أقول فيها رأيي بأن الإجابة على السؤال المجنون الذي يطرحه المتدينون على الدوام وهو لماذا هنالك شي بدلا ً من لاشيء
الجواب هو أنه لا بد أن يكون هنالك شيء فإذا كان لديك لا شيئ وفقا لميكانيكا الكم فأنك دائما سوف تحصل على شيء
الأمر بهذه البساطة
لن يقنع كلامي أي أحد من أؤلئك الناس ولكنه الحقيقة
والآن , عظيم أن نعلم بأن الكون مسطحا ً, ولكن لو كنتم مستيقظين قبل عشر دقائق فقد أثبت لكم أن الكون مفتوح عندما قلت أن هنالك 30 % فقط من المادة المطلوبة كي يكون كوننا مسطح
فأين ال 70 % الباقية ؟
حسنا ً, لو وضعنا طاقة في الفضاء الفارغ بحيث يصبح هذا الفراغ له وزن , ولن تتمكن من رؤيته إنه يقوم بالفصل بين المجرات
فماذا سوف يفعل هذا الفراغ لو وضعنا فيه طاقة ؟ سوف ينتج لنا معامل كوني
وهذا ما سيسبب عدم تباطؤ التمدد الكوني بمرور الزمن وهو ما سيحدث في أي كون يتصرف بمعقولية
وأنما سوف يتسارع بمرور الزمن
في سنة 1998 قام الراصدين المعنيين برصد السوبر نوفا على مسافات كبيره بقياس للمخطط الذي وضعه هابل كي يقيسوا مدى التباطؤ الكوني الذي يطرأ
قد لا يبدو ما ترونه على المخطط بالفارق الكبير ولكنه يمثل فارق ثوري في الكوزمولوجيا
أستطيع أن أرسم خط مستقيم في بيانات مخطط هابل في أعلى الصوره بحيث أتمكن من نقل البيانات إلى الأسفل لعرضها بشكل أفقي
إذا كان الكون يتباطأ فستظهر تلك النجوم المنفجرة البعيدة على المنحنى الأسفل لهذا المخطط
ولكن جاءت النتيجة على نحو مفاجىء للراصدين الفلكيين , فقد ظهرت النجوم المنفجره في المنحنى العلوي الكائن فوق الخط المستقيم في المنتصف
وهذه النتيجة تعني أحد أمرين , فإما أن تكون البيانات خاطئه وهو ما جرت عليه العادة في الحالات المشابهه
أو أن الكون آخذ في التسارع
وإذا قام أحدهم من قبيل التسلية ممن يعتقد بأن الكون آخذ بالتسارع بالتسائل عن كم المادة التي نحتاج أن نضعها في الفضاء الفارغ حتى يتسارع الكون بالمقدار الذي توصلنا له
سيجد النتيجة تساوي المقدار الذي ينقصنا بالتمام والكمال
ما يوحّد نظرتنا الجديدة للكوزمولوجيا هو أننا نعيش في كون يهيمن عليه اللاشيء
فأكبر مقدار من الطاقة في الكون أي ما مقدارة 70% من طاقة الكون يسكن في الفضاء الفارغ
ولا نملك أدنى فكرة عن سبب تواجدها هناك
ترون ما قد قلته توا ً
إسمحولي أن أتشعّب هنا قليلا ً وقبل أن أعود لإستكمال أخر خمسة دقائق من المحاضرة
هذه النظرة الجديدة للكون تمثل بمعنى ً ما تكملة ل " مبدأ كوبرنيكوس" بأن الأرض لا تحتل مركزا ً فريدا ً في الكون
نحن نعلم أمرين الآن , بل أمر واحد والأمر الآخر سأخبركم به بعد قليل
هذا يعني أننا أقل أهمية مما كنا نعتقدة ( أن الطاقة المظلمة تسيطر الكون)
فإذا أخذنا كل ما يمكن أن نراه في الكون كالنجوم والمجرات والعناقيد المجرية أي حرفيا ً كل ما يمكن أن نراة وقمنا بالتخلص منه سيبقى الكون على حاله
فكل تلك الأجسام بما فيها نحن نمثل ما يعادل 1% فقط من الكون وكأننا مجرد ملوثات كونية في كون يتشكل 30% منه من المادة المظلمة و 70% منه من الطاقة المظلمة
نحن نشكل حدثا ً عارضا ً
كيف يمكن أن نعتبر الكون قد وجد لأجلنا ونحن لا نشكل فيه سوى حدثا ً عارضا ً هو سؤال يتجاوز قدراتي الإستيعابية
حسنا ً قد كنت بحاجة للقليل من التصفيق والآن يمكننا أن نعود لحديثنا العلمي
ما أريد أن أتحدث عنه معكم في الدقائق القليلة المتبقية هو كيف غيرت هذه النظرة رؤيتنا المستقبلية للكون وللعلم
فقد غيرت تماما ً من نظرتنا للمستقبل
وسوف أسرع في حديثي عن هذا الموضوع لذلك دعوني أعطيكم اولا ً الجواب السريع على هذا
فقد نسب ل " كورت فونيغوت " قوله الآتي في خطاب تخرج ألقاه بإحدى مدارس البنات الخاصة
وقد قمت أنا أيضا ً في مناسبتين بإلقاء خطابات تخريج ولكنني لم أمتلك الجرأه الكافية لكي أقول ما قاله " كورت " رغم أنني كنت أرغب بذلك
فقد قال : ستصل الأمور من السوء إلى حد لا يمكن تخيله , وبعد ذلك لن تعود للتحسن ثانية ً مطلقا ً !
وفي الحقيقة فقد قالها قبل مجيء إدارة جورج بوش أيضا ً
وهذه المقولة تنطبق كذلك على فهمنا المعاصر للكون وسأخبركم عنه بإجاز
أريد أن أخبركم عن بعض الأمور التي ستسمعون عنها وبعض الأمور التي يروج لها الربوبيون ومؤيدوا التصميم الذكي كحجة على وجود تصميم للكون
وهذه أحد تلك الأمور , وأريد أن أشرح لكم لماذا لا علاقة للأمر بالتصميم الذكي
إنه لمن الغريب والعجيب أننا نعيش في كون ٍ كالذي نعيش فيه فما ترونه أمامكم هو ملخص تاريخي للزمن
ومن الجهة الأخرى للمخطط نرى الإنخفاض في كثافة المادة بينما يأخذ الكون بالإتساع
ولكن تبيّن لنا بأن الطاقة الكامنة في الفراغ تبقى ثابته على حالها مع إتساع الكون
وها نحن ذا نعيش اليوم في زمن ٍ تعادل فيه كثافة الطاقة في الفراغ ثلاثة أضعاف كثافة الطاقة في المادة
ولكن هذا الرسم البياني أثار جنون الفيزيائيين
لأن الزمن الذي نعيشه اليوم هو الزمن الوحيد في تاريخ الكون الذي يتعادل فيه هذان الرقمان
ففي الأزمنة السابقة كانت كثافة المادة أعلى وفي الأزمنة اللاحقة ستكون كثافة طاقة الفراع هي الأعلى
فلماذا نحن نعيش في هذا الزمن المتميز في تاريخ الكون ؟
أحد الإجابات التي تم تقديمها .. هو وجود هذه الاشياء .. المجرات
لماذا ؟
فلنعود الى الصورة السابقة ولنفرض أن طاقة الفراغ ( الطاقة المظلمة ) كانت أكبر بخمسين مره
ففي هذه الحالة ستختلف نقطة تقاطع المنحنيين وبدل من أن يحدث التقاطع الآن سيحدث في وقت ٍ سابق ولكن متى ؟
الوقت السابق الذي سيحدث فيه التقاطع هو الوقت الذي بدأت تنشأ فيه المجرات
ولكن إذا كانت الطاقة المظلمة أكبر من طاقة الكامنة في المادة عند بادية نشوء المجرات فإن ذلك يعني أن القوة الطاردة ستكون أكبر من قوة الجذب
وما كانت المجرات لتتشكل
وبما أن المجرات لن تتشكل فربما يوحي لنا ذلك بشيء
وهذا ما ينتج لنا ما أسميه " الهوس الإنسي "
إذا ً فلكون يبدو لنا بالشكل الذي يبدو عليه لمجرد أن علماء الفلك قاموا برصده على هذا الشكل
لا يبدو كلامي سخيفا ً فقط بل يبدو دينيا ً أيضا
فيقول بعض الناس أن الكون مضبوط بدقة , فأي إختلاف فيه عن ما هو عليه الآن لكانت نتيجته أننا لن نكون موجودين هنا , إذا ً واضح أن الله خلق هذا الكون
من أجلنا
هذا هراء
وهو هراء لنفس السبب الذي تعلمتموه بشكل جميل في كتب رتشارد
كقولهم كيف يمكن للنحل أن يميز بين ألوان الزهور ؟ لكي تتمكن النحله من أن تجدهم
وليس لأن الله شاء لهم ذلك
فإذا لم يتمكنوا من إجاد الزهور لن يتمكنوا من الحصول على المواد التي يحتاجونها للأكل ولن يبقى لهم وجود , إنه " الإنتقاء الطبيعي "
وما يشي به هذا الأمر هو شبيه نوعا ً ما بما يمكن أن يسمى بالإنتقاء الطبيعي على المستوى الكوني
فمعنى ذلك لو صح أنه ليس غريب جدا ً أن نجد أنفسنا في كون يسمح بوجود حياة
لأنه لو كان الكون لا يسمح بنشوء الحياة لما كنا هنا
الأمر بهذه البساطة
لذلك يمكنك إن أردت أن تعزي سبب وجودنا إلى ما يمكن أن يسمى نوعا ما " بالتطور الكوني " أو من الأفضل أن فكر به على أنه " إنتقاء طبيعي كوني "
ولكن على رغم مما يبدو عليه الأمر من جمال لكني أعتقد أنه خاطئ , وبشع
وهو يخالف أي شيء أعرفه عن العلوم
فالعلم في أخر أربعمائة عام كان يخبرنا لماذا يبدو الكون كما يبدو لنا , ولم يكن العلم يخبرنا لماذا لا يبدو الكون كشيء أخر غير الذي نعرفه
في الحقيقة لقد طرح أينشتاين سؤال ً ذات مره , ولكنه صاغه بشكل خاطىء
أريد أن أقتبس كلامه
قال : ما يثيرني حقا ً هو ما إذا كان الله (ولم يقصد به الإله بالشكل المعروف لدينا) , ما إذا كان يملك أية خيار آخر بديلا ً عن خلق الكون
ما كان يقصده فعلا ً هو هل قوانين الفيزياء ثابته بحيث إذا غيرت معاملا ً واحدا ً فلن ينشأ كوننا
أم أنه يمكن أن يكون لدينا عددا ً لا نهائي من قوانيين الفيزياء المختلفه يمكنها أن تنتج أكوانا ً وأن كوننا بشكله الحالي هو نتيجة أحد تلك القوانيين
إذا كان هذا الأمر صحيحا ً من وجهة نظر إنسانية فهذا يعني أن الفيزياء هي علم بيئي
فلا حاجة لقوانيين مؤسسه للكون
فنحن هنا بسبب الصدفة
وقوانين الفيزياء موجودة بالشكل الذي نعرفه لا بسبب نظرية رياضية جميله تصف تلك القوانيين بشكل جميل , بل لأنه لو كانت قوانيين الفيزياء موجودة بشكل مختلف عما نعرفه لما كنا موجودين هنا
وقد كنت أنتوي أن أتحدث في هذا الموضوع قليلا ً ولكن يبدو أن الوقت قد أدركني لذا يتوجب علي عدم القيام بذلك
لكن دعوني أقول لكم أنه هنالك نظرية تقترح .....
بل أقصد في النظرة التي عرضناها عن الكون , إذا كان هناك عدد لا نهائي من الأكوان
فلن تحتاجون ل " نظرية كل شيء " بل ستحتاجون إلى "نظرية أي شي " بمعنى أن يكون لديكم عدد لا نهائي من الإكوان ونظرية تصف لك كيف يمكن لإي شيء أن يحدث
ولدينا هكذا نظرية , وسأخصص لها دقيقة أخبركم عنها وهي تدعى ب ِ " نظرية الأوتار الفائقة "
وها هو ملخصها أمامكم
الشخص الأول يقول للأخر : لدي فكره رائعة , تصور أن المادة والطاقة مكونة من أوتار صغيره متذبذبه
فيرد الأخر : حسنا ً ولكن ماذا يعني هذا ؟
فيجيب الأول : لا أدري
إذا ً كان هذا ملخص لنظرية الأوتار الفائقه في أخر 25 سنه
والنقطه الاساسيه أن هذه النظرية قد تبدو مبهره للكثيرين ولكن أحد الأشياء التي تتنبأ بها هذه النظرية هو أن كل شيء ممكن
وما دام كل شيء وارد حدوثه إذا ً لا نستطيع أن ندعي أننا نملك نظرية علمية متكاملة
ولكن الأن سأمضي قدما ً في الدقيقة الأخيره
لدي نكتة جيده عن جورج بوش ولكن سأتجاوزها
وسأتجاوز عن هذا أيضا وهذا , سامحوني انها أمور مثيرة جدا
ولكنني أريد أن أصل إلى الخاتمه التي ستكشف لكم عن مدى تعاسة المستقبل الذي ينتظرنا
النظرة التي عرضناه عن الكون يجب أن تمدّنا بالتواضع الكوني وهو سمه من سمات العلم التي يجب أن نتحلى بها
التواضع أي بمعنى الإعتراف بأننا لا نحيط كل شيء بعلمنا
وقد تحدث بهذا الشأن " بيل ماهر" ليلة أمس
ويال حماقة أمثال " ريك ورن " الذي يدعي معرفة كل شيء , إنه إدعاء يعتبر لعنة إن حدث في العلم
يجب أن ندرك أن هنالك المزيد مما يتوجب علينا أن نفهمه عن الكون وهو أكثر مما قد فهمناه إلى الآن
وأريد أن أعطيكم مثالا ً على ذلك , في المستقبل البعيد , ماذا تعتقدون أنه سيحدث في المستقبل البعيد ؟
تذكروا أننا قبل مائة عام كنا نعتقد أننا نعيش في كون ٍ ساكن وأبدي
فماذا سيحمل لنا المستقبل ؟
الأمر المدهش هو أنه بالنسبة للحضارات التي ستعيش في المستقبل البعيد
ماذا سيرون ؟
حسنا ً, الكون يتسارع وهذا يعني أن كل المجرات تبتعد عنا وفي النهاية سوف تبتعد عنا تلك المحرات بسرعة تزيد عن سرعة الضوء
وهذا يمكن أن يحدث وفقا ً للنظرية النسبية (تجاوز المجرات لسرعة الضوء)
وستختفي المجرات
فكلما طال إنتظارنا كلما لم يعد بإمكاننا أن نرى المجرات
وفي غضون مئة مليار سنة أي راصد للكون تمكن من أن يتطور بجوار نجم ٍ ما على مجرتنا - وستتواجد نجوم كشمسنا في ذلك الزمن - لن يتمكن من رؤية أية مجرة أخرى بستثناء المجرة التي يتواجد فيها
وهي رؤيا تشبه تماما ً ما كان يعتقده الراصدين في الخمسينات من القرن الماضي (أننا المجرة الوحيدة في الكون)
فكل الأدلة التي قدمها هابل عن توسع الكون ستكون قد إختفت , لماذا ؟
لأنه في ذلك المستقبل لن نتمكن من رؤية المجرات وهي تبتعد عنا
وبتالي لن يكون لديهم أية دليل عن حدوث الإنفجار العظيم
لن يتمكنوا من رؤية التمدد الكوني ولن يعلموا عن الطاقة المظلمة ولن أخوض في هذا الامر
ولن يعلمو بأمر "إشعاع الخلفية الميكرويفي الكوني" فهو سيختفي أيضا ً جراء عدم إمكانية رصد " الإنتقال الأحمر " للاشعة المنبعثة منه
وستظهر البلازما في مجرتنا عندما يكون عمر الكون 50 ضعف عمره الحالي
واشعاع الخلفية الميكرويفي لن يكون بمقدوره الإنتشار والوصول إلى مجرتنا
كل الأدلة على حدوث الإنفجار العظيم سوف تختفي
وعلماء ذلك الزمن سيكتشفون ميكانيكا الكم والنظرية النسبية ونظرية التطور
سيكتشفون كل المبادئ الاساسيه للعلم التي نعرفها نحن اليوم
وسيصلون إلى أفضل نتائج الرصد الفلكي في زمنهم بإستحدام أفضل التلسكوبات التي بإنكانهم صناعتها
وسيستخلصون صورة خاطئة تماما ً عن الكون
الصوره التي سيستخلصونها عن الكون هي صورة لكون يتكون من مجرتهم فقط محاطة بالفراغ الساكن والأبدي
العلم المُضلَل سينتج إجابات خاطئه
أود أن أختم بإخبار جيدة
نحن نعيش في زمن ٍ متميز جدا ً , الزمن الوحيد الذي نستطيع من خلاله أن نتأكد بالرصد أننا نعيش في زمن ٍ متميز
أحاول أن أكون ظريفا ً
حقيقة ما تخبرنا به هذه المقوله أننا إكتشفنا هذه النظرة الخاصه بالكون التي لا نفهمها والمترابطه فيما بينها
ولكن لو أننا نشأنا قبل خمسة مليارات سنه ربما كنا رصدنا من الأمور ما تجعلنا نغير هذه النظرة
ونفس الشيء لو أننا نشأنا في المستقبل
الكون يبقى غامضا ً وهذا أمر عظيم
ولكن أود أن أقول أنه في المستقبل البعيد ستكون الصورة كما يلي
سنكون وحيدين وجاهلين ولكن مسيطرين
والذي يعيش منا في الولايات المتحدة متعود على هذا الامر
دعوني أختم , حسنا ً هذه هي النهاية شكرا ً
شكرا ً
لدينا هنا " وودي آلن " الكوزمولوجيا
لقد كان لنا الشرف أن نكون هنا لنشهد العقل العلمي عندما يبلغ أقصى حدوده وما يمكن أن يجلبه لنا ذلك من إثاره
وإنني سعيد لأننا أجرينا هذا الحديث اليوم
ما يحزنني هو أنه في بريطانيا وربما هنا أيضا
الشباب المُقبل على الجامعات يبتعدون عن دراسة الفيزياء مفضلين دراسة الإعلام
على الرغم من الإثاره الكبيره الموجودة في الفيزياء والكوزمولوجيا
وعلى الرغم من الحقيقه التي تحدث عنها لورنس من أن المصادم الهدروني الكبير على وشك أن يحدث ثورة في نظرتنا لأنفسنا
لقد حدث خطأ مطبعي في أحد كتبي الذي أنتهيت من تأليفه مؤخرا ً " أعظم عرض على الأرض "
فقد أشرت فيه الى المصادم الهيدروني الكبير ولكن ظهرت في الكتاب " مصادم الإنتصاب الكبير "
لا بأس في ذلك لأنه بالفعل هذا ما يحصل عليه الفيزيائيين من المصادم
وقد رصدت الخطأ وصليت كي لا تلاحظه مدققة نسخة المطبعة , ولكنها لاحظته وتوسلت لها لكي لا تصححه
لكنها قالت أن تصحيح الخطأ أغلى من حياتها
شكرا ً لك يا لورنس , ولدينا بضعة دقائق لطرح الاسئلة
أجل أعتقد أنا لدينا بعض الوقت ولكن قد نختصر الوقت المخصص لتوقيع كتابك
أفضل تلقي الأسئله على أن أوقع نسخ كتابي وعلى كل حال سأكون متواجد طوال اليوم ترجمة : حموده FreeAtheist