Tip:
Highlight text to annotate it
X
يتكلَّم الناس كثيراً عن عدم المساواة في أيامنا هذه... عن حقيقة أن أغنى 1% من سكان الأرض لديهم أكثر بكثير ممَّا لدى الـ99% الآخرين مجتمعين.
يبدو أن أغلب هذا الحديث يدور حول الولايات المتحدة... إلا أنه مما يصدمني أن عدم المساواة هي ظاهرة عالمية أيضاً. قمت ببعض البحث حول الموضوع، وإليكم ما وجدته، وهو مأخوذٌ من مصادر موثوقة مثل تقارير الأمم المتحدة. يبدو أنه، رغم أن الولايات المتحدة غير متأثرة على الإطلاق، فإن الأمور سيئة جداً بالواقع بالنسبة لمعظم العالم.
دعونا نبدأ بهذا الرسم البياني - حيث نرى توزيعاً عادلاً مثالياً للمال بين جميع الناس، مُقسَّمين إلى خمس مجموعات متساوية بحسب طبقتهم المادية.
الآن، دعونا نرى كم تملك كل مجموعة من الناس في عالمنا الحقيقي.
أمر صادم، أليس كذلك؟ فـ80 بالمائة من سكان العالم لا يملكون مالاً يذكر... من الصعب حتى ملاحظتهم في الرسم. في حين أن أعنى 2% من الناس... لديهم مال أكثر من كل أهل الأرض الآخرين مجتمعين.
دعونا ننظر إلى هذا الرسم من منظورٍ آخر. فلنأخذ جميع سكان العالم - سبعة بلايين إنسان - ونختزلهم بـ100 شخص فحسب. ها هم، أفقر الناس على اليسار، وأغناهم على اليمين.
الآن دعونا نرى كيفية توزيع ثروة العالم، البالغة نحو 223 ترليون دولار أمريكي.
الغالبية العظمى من الناس ليس لديهم شيء تقريباً. لا شيء يكفي لتعليم أبنائهم، لا شيء يكفي لدفع تكاليف العلاج الطبي الأساسي.... بينما بالنسبة لأغنى 1%، فقد جمعوا 43% من ثروة عالمنا وحدهم. من جهة أخرى، فإن أفقر 80% من سكان الأرض - أي 8 أشخاصٍ من بين كل 10 منا - لديهم مجتمعين 6% من ثروة العالم فحسب.
لكن حتى هذا لا يظهر الحال التي وصلنا إليها حقاً. لدى أغنى 300 إنسان على الكوكب نفس ما لدى أفقر 3 بلايين من الناس. بكلمة أخرى، فإن لدى مجموعة من الناس يمكنهم الركوب بطائرة تجارية متوسّطة الحجم ثروة أكثر من سكان الهند، والصين، والولايات المتحدة، والبرازيل... مجتمعين.
يمكننا رؤية هذا الفارق بصورة جغرافية أيضاً. حيث تفصل فجوة ضخمة ومتزايدة بين بلدانٍ غنية قليلة من جهة، وجميع أنحاء العالم الباقية من جهة أخرى.
خلال معظم تاريخ البشرية، كانت المساواة أكبر بكثير. فقبل 200 عامٍ من الآن، كانت ثروة أغنى البلدان على الأرض تعادل فقط ثلاثة أضعاف ثروة البلدان الفقيرة. لكن مع نهاية عصر الاستعمار في الستينيات، كانت هذه الفجوة قد اتسعت ليصبح الفارق 35 ضعفاً.
في يومنا هذا، يبلغ الفارق بين البلدان الغنية والفقيرة 80 ضعفاً.
تحاول البلدان الغنية تقليص هذا الفارق عبر تقديم المساعدات للبلاد الفقيرة - نحو 130 بليون دولار أمريكي كل عام. ذلك مالٌ كثير.
إذاً لماذا لا زالت الفجوة بين البلاد الغنية والفقيرة تتسع؟
أحد الأسباب التي وجدتها، هو أن الشركات الكبيرة تأخذ من البلاد الفقيرة 900 بليون دولار كل عام، على شكل إبطالٍ للضريبة يُسمَّى "شذوذ السوق" (*وسيلة للتحايل على نظام الضرائب بشكلٍ قانوني، بغرض تخفيض الضرائب المرتبتة على الفرد أو الشركة).
فوق هذا، فإن البلاد الفقيرة تدفع كل عام نحو 600 بليون دولار أخرى للبلاد الغنية على صورة خدمات للقروض، والتي كانت قد أعادتها إلى الدول الغنية بالفعل مرات كثيرة من قبل.
وبعد كل ذلك، فإن هناك المال الذي تخسره البلاد الفقيرة من تقنينات وقيود التجارة التي تفرضها الدول الغنية للحصول على االمزيد من المصادر الطبيعية والعمالة الرخيصة من المناطق الفقيرة. ويقدر اقتصاديُّون من جامعة ماساتشوتس قدر التكاليف التي تُلقَى على عاتق الدول الفقيرة نتيجةً لهذا بحوالي 500 بليون دولار كل عام.
بالإجمال، تبلغ كل هذه التكاليف مجتمعةً ترليوني دولار أمريكي تدفعها أفقر دول العالم إلى أغناها، كل عام. تحب الحكومات الغنية أن تقول باستمرار أنها تساعد الدول الفقيرة على التطور، لكن من يساعد الآخر هنا في واقع الأمر؟
يجعلني هذا أعتقد أن هناك خللاً في القواعد الأساسية التي يقوم عليها الاقتصاد العالمي. لا يمكن التغاضي عن أن ثروة كوكبنا كلها محبوسة في أيدي عدد صغير إلى هذا الحد من الناس.
الحل الوحيد المعقول، كما يبدو لي، وأملنا الوحيد، هو أن نُغيِّر القواعد.