Tip:
Highlight text to annotate it
X
،بصيف العام 1348
يمكن التغاضي للإنجليز على الاعتقاد بأنفسهم أنهم لا يمكن غزوهم
فقد سحقوا الأعداء القدامى كالاسكتلنديين والفرنسيين
وبدا أن ملكهم (إيدوارد) الثالث هو أقوى حاكم على الإطلاق في أوروبا
،لكنهم سيتعرضون للغزو
ومن قبل ملكٍ لا يجدي معه نفعا لا الأقوس الطويلة
...ولا السفن الحربية بعملية الدفاع
"إنه "ملِك الموت
وكانت سلاحه الطاعون ،وبنهاية حملته الفظيعة
فإن نصف شعب بريطانيا تقريبا قد قضى نحبه
،كانت البلاد ستنجو من الصدمة
لكن عليها أولا أن تقاسي ،التطهير عبر مأساة غير متخيلة
لأنه تلا مباشرة بعد "انقضاء "الطاعون الدبلي
وقوع عصيان وحرب أهلية
كان قرن الطاعون بمثابة رحلة حج عبر الألم
وهذه هي قصة تلك الرحلة
[تاريخ بريطانيا] ترجمة: فيصل كريم الظفيري
*الملك مـوت* ترجمة: فيصل كريم الظفيري
اليرسينيا الطاعونية"، وهي" ،الجرثومة المسببة للطاعون
أتت إلى بريطانيا بأحشاء براغيث معدية
لقد كانت مختبأة ،ببضائع حبوب القمح
ورزم الملابس الضخمة وفراء الجرذان السوداء
وكانت نقطة الدخول المحتملة (من (ميلكومب ريجيس) قرب (وايموث
وبمرور الوقت كانت قد بلغت موانيء ساوثهامبتون) و(بريستول) الضخمة)
وقد وصلت بالفعل حكايات من المدن الإيطالية المفجوعة
- حيث كانت كيفية ومكان بدايتها
،بالشرق على سهول وسط آسيا
كان هذا من أنواع الرعب الأخرى التي حملتها ظهور القبائل المنغولية
وقطع الطاعون رباطا من الهلاك
امتد شرقا من الصين والهند وغربا إلى القرم وتركيا
وبميناء (كافا) قام التتار برمي الجثث المعدية خلف جدران المدينة
لكي يتم تسريع استسلام ،مواطني جنوا المدافعين
وهذه من أولى سجلات استعمال الحرب البيولوجية
وما أن وصل الطاعون عن طريق البحر لإيطاليا حتى انتشر بسرعة لعمق الأراضي الأوروبية
وقد وقعت الكثير من النكبات - قبل أن يزور بريطانيا
حيث حصد الموت أعدادا لا تحصى - في المجاعة الرهيبة عام 1315
لكن كانت سرعة زحف الطاعون الذي لا يرحم ولا يميز بين أحد
هو من حاصر المدن والقرى لينقض عليها تباعا
{\an6} (سايمون شاما)
لا مفر لأحدٍ غنيا كان أو فقيرا
هكذا وصف الشاعر ،الويلزي (يوان جيثين) الأمر
وهو بانتظار إصابته بالعدوى والتي جاءته فعلا بعام 1349
نرى الموت قادما في ما بيننا مثل الدخان الكريه
طاعون يعزل الصغير
شبح بلا جذور لا يشعر بأي رحمة
"الويل لي من بقعة "الشلن الموجود في إبطي
تأخذ شكل تفاحة شبيهة برأس البصل
وشديد هو اهتياجه الشبيه بالرماد المحترق
شيء بشع بلون شاحب
وهو طفح جلدي فظيع يأتي بسرعة غير مواتية
،إنها تشبه هطولا غزيرا من حبوب البازلاء "وهي الزخارف المبكرة للـ"موت الأسود
كان الأمر يستغرق قرابة الستة أيام بعد عضة برغوث
لظهور الأعراض ،المنذرة من الأورام
،على رقبة الضحية أو ضلعه أو إبطه
مصحوبة بحمى عنيفة وألم فظيع
وينهار نظام المناعة خلال اسبوع
،ولو وصلت الإصابة إلى الرئتين
فإن الموت يأتي فقط بعد يومين من السعال الدموي
وكل من يتنشق أصغر قطرة صغيرة من المخاط
سيحل عليه عذاب المعاناة بدوره
،لم يكن أحد يعلم ذلك حينئذ لكن أزقة الشوارع المكتظة
(والمنازل بمكان كـ(بريستول
كونت مكانا خصبا تماما )لبكتيريا (باسيلاس
والحشرات الطفيلية الزاحفة مع البراغيث
كانت جميعها تعيش جنبا إلى جنب مع عدد السكان المحتشد من الناس والحيوانات
إن عضة البرغوث كان شيئا مضايقا شائعا
بهذا العالم القذر المليء بالحشرات
،وحتى عند ظهور الدبل
لم يكن هناك ما يدعو للافتراض أن البراغيث أو الجرذان متسببة بذلك
إلا إنه لم يكن هناك أي شك حيال ما سيحدث لاحقا
الصغار والعواجيز - والناس الفقراء
- وهم الأقل مقاومة ...سيكونون أول الضحايا
لكن بعدها الجميع كذلك
وبمدن بهذه الجهوزية ،لاستقبال الإصابة بالمرض
فإن نصف تعداد السكان قد هلكوا بالعام الأول
ومن ضمنهم 15 مستشارا من ،مستشاري مدينة (بريستول) الـ52
وقد مثلت اسماءهم صدمة هائلة حين موتهم
،وبعد أن أصابهم الفزع والذهول فإن الأصحاء هجروا المرضى لمصيرهم
مدن وقرى بأكملها بل وحتى العائلات
انفصلت بكل قسوة ما بين الحياة والموت
فالأزواج اجتنبوا زوجاتهم
والآباء والأمهات نفروا من التواصل مع ابنائهم
ومن المستحيل تقريبا تخيل ،مدى تلك الكآبة والرعب
والانهيار الكامل لكل شيء كنت تسلم به
فكيف ستجد الخبز بما أن الآن كل الخبازين قد ماتوا؟
وكيف تجد طبيبا طالما الآن لا أحد منهم يعمل؟
وأخرًا، كيف تجد أحدا يقطر الجثث
التي يجب التخلص منها... بمكان ما؟
وكلما كانت المدينة أكبر كلما زادت الصدمة
بعام 1348، كان تعداد السكان يقترب من 100 ألف
،وبالموجة الأولى للطاعون فإن 300 شخص كانوا يموتون يوميا
،(وفي (سبيتالفيلدز
كان يوجد منذ زمن طويل مشفى من العصور الوسطى ملحق به مقبرة
وكان يُسجى الموتى ما بين جدرانها بكل تقدير
بمقابر كل منهم ،وهم متجهين نحو الشرق
حتى إن جاء يوم القيامة سيقومون وهم يواجهون القدس
لكن تحت قبضة الوباء، لم يتوفر أي وقت لمثل أعمال التقوى هذه
لقد كشفت حفريات التنقيب مؤخرا مقابر جماعية كبيرة
حيث رميت الجثث بالمذراة تحت التراب
بعجالة ويأس واضحين
وبعد انتشالها من الأرض حاليا ،من الطريقة التي طمروا بها
فقد كانوا كمن يعترضون على هذا الإذلال
،بحلول العام 1349 انتشر الطاعون
نحو أقصى أركان إنجلترا، و ويلز واسكتلندا
ثم انتقل عبر البحر إلى إيرلندا
وحسب (جون كلين)، وهو راهب ،(فرانسيسكاني يكتب في (كيلكيني
فإن 14 ألف شخص قضوا نحبهم في دبلين لوحدها
،منذ بداية العالم
سمعنا عن كثير من الناس يموتون بمثل هذا الوقت القصير
لقد كان هذا الطاعون معديًا بشكل شديد
إلى درجة أن من يلمس الميت أو المصاب
تنتقل إليه العدوى مباشرة
بينما عني، وأنا أرى هذه البلاءات العديدة
،والعالم أجمع مطوق بالشر
انتظر ما بين جثث ،الموتى قدوم الموت
كرست نفسي لكتابة ،ما قد سمعته وبحثته بصدق
وأترك مخطوطا لمواصلة هذا العمل
إن تصادف وتمكن ،أي إنسان من النجاة
وإذا هرب أي من جنس بني آدم من هذا الطاعون
واستمر بالعمل الذي كنت قد بدأته
وبهذا الموقع، كان هناك ،يد أخرى قد كتبت
"هنا يبدو أن الكاتب قد مات"
عندما استعاد الناجون عافيتهم من ،"الصدمة الأولى من "الموت الأسود
تساءلوا بشكل ملح "لماذا نحن؟ ولماذا الآن؟"
أفضل تخمين للاجابة كان أن ما تسبب بالطاعون
- فساد البيئة المحيطة
- التـعـفـن سمة البشر والبهائم
الذين يقومون من البحيرات والمستنقعات والصدوع
- وكان حتى لهذا الضبخان اسم "حمى المستنقع"
فإذا كان المرض يتوالد عبر العفونة فإن الروائح العطرة مثلت العلاج
ولم يضيع المعالجين والمداوين بالأعشاب الوقت
بتصميم وصفات طبية مكونة من خليط شذا العطور وجرعات الأدوية
للحماية من العدوى أو حتى أن تعمل على أن تكون ترياقا للمصابين
خمسة كؤوس من نبات السذاب لو كان المريض رجل
ولو كانت امرأة فلتترك السذاب
وخمسة ورقات صغيرة من نبتة الحمامي، وكمية كبيرة من زهرة الأذريون
،وبيضة طازجة من دجاجة ثم تعمل بها فتحة بطرف واحد
وتنفخ كل ما بها ثم تضعه على النار
وتقوم بشويها حتى تكون كالمسحوق لكن لا تحرقه
ثم تخمر كل هذه الأعشاب بخمر مزر طيب، لكن لا تعصره
واجعل المريض يشربها لمدة ثلاثة أيام مساء وصباحا
ولو ظلت الوصفة بمعدة المريض، فستسنح له فرصة الحياة
،لكن إذا شاء الرب غير هذا
فلن تجدي كل أدوية الدنيا نفعا
الاستنتاج الذي لا مفر منه
أن الطاعون كان بلاء على البشرية
كعقاب على خطاياهم المتعددة
الملابس مفتوحة الصدر الخليعة والرقص الفاسق
والخيانة الزوجية الفاحشة قد جلبت الطاعون
وانتهى عندما شعر ،العالم بالندم الشديد
لكن هذا الندم لم يكن يبدو كافيا
وبهذه الأثناء كان البلد قد أصبح قفارا
فقد تُركت الحقول الزراعية وهُجرت قرى بأكملها
أعداد الناس الحاضرة (لأراضي أسقف (وينشيستر
(في (فارنهام) في مقاطعة (سوراي تظهر مدى صدمة هذا المجتمع الريفي
"بالعام الأول من "الموت الأسود - فإن 52 من أهل القرية
- وهو ما يعادل ثلث سكانها ،قد قضوا نحبهم
حيث تم وضع علامة عليهم تقول "مصابون بمرض الطاعون"
(وضعت مخطوطات (فارنهام اسماءً على الأرقام
(اسماء مثل (ماتيلدا ستيكر
التي توفيت إلى جانب كل أفراد عائلتها
،(أو فتاة خادمة (ماتيلدا تيلفين
التي شهدت استسلام سيدها وكل أهل بيته للطاعون
وبحلول وقت انحسار مد الطاعون في عام 1350 (هلك ألف و300 شخص في (فارنهام
وبينما كان الطاعون يأخذ فقد كان أيضا يمنح
"بالعام الأول من "الموت الأسود ،أصبح (جون كرادتشيت)، قاصر
يتيما، لكن يتيم ،يتمتع بثروة كبيرة
لأنه كان من الممكن له أن يرث الآن الكثير مما تبقى
عبر والده وقريب آخر
ولا بد أن هذا كان تكوينا لثروة قرية صغيرة لكن مهمة
،وبمكان آخر من المخطوطات
نعرف أن الحصاد أصبح بضعفي غلاء جمعه
اثنا عشر بنسا، حسب ما هو مدون ،بالأرقام الرومانية، لكل فدان
لأن المخطوطات تذكر شيئا عن الطاعون وقلة العمل
،والعمال، كما كان يبدو كانوا ضعيفين الجسم بالأرض
وكانوا على وشك العمل وفقا لذلك
(وكان يمكن تكرار حكاية (فارنهام بجميع أنحاء بريطانيا
فكان أن تبدل حال الأرياف بصورة "معاكسة تماما بعد "الموت الأسود
فأولا، لم يعد هناك عبيد للإقطاع
فأن تكون عبدا من عبيد الإقطاع كان يعني ولقرون عدة أن ترتبط
حسب الأعراف وحسب الميلاد لسيدك الإقطاعي
الذي بدوره يمنحك قطعة صغيرة ،من الأرض يمكنك أن تزرع بها
وبالمقابل فإنك تقضي ،ساعات طوال كادحا بالعمل
بلا أجر بمزرعته الضخمة جدا
كان هناك أساليب أخرى أيضا بحيث تعتبر غير حرا
فأنت مضطر لأن تطلب ،الإذن منه لكي تتزوج
،ولم يكن، وأكررها ...مسموحا لك بالرحيل أبدا
"حتى أن جاء "الموت الأسود
أما وقد كان هناك آنذاك ،نقصا بالإيدي العاملة
والعملية البسيطة لقوانين العرض والطلب
كانت تعني لأول مرة أنه بامكانك أن تحدد شروط التعاقد
،لقد أراد منك العمل
فإذن، كان يمكنك الرد "لم لا تبدأ "أنت بدفع بعض من النقود لي؟
يريدك أن تنتقل للأرض التي ،ستتعرض للخراب والتلف دون ذلك
،فترد قائلا "حسنا، اخفض الإيجار"
فإذا رد عليك السيد "،مستحيل أيها الوقح يا ابن الكذا والكذا"
حسنا، تنهض بعصاتك وتجد أحدا لديه فرصة آمنة بشكل أكثر
بحقائق الحياة الاقتصادية الجديدة
إذن لا بد أن مئات الآلاف ،من الفلاحين قد قاموا بهذا
ولم يكن هناك بمقدور أي أحد فعل شيء حياله
لم يكن النظام الاجتماعي فقط من قام الطاعون بهز أركانه
بل قام كذلك بنزع ذلك الاحساس ،بالأمن المقدم من الكنيسة
لا سيما منذ أن بدا أن رجال الدين بلا حول ولا قوة
...لمد يد العون لأولئك المُبْتَلين أو حتى لأنفسهم
بعام 1349، فإن أسقف ،(مدينتي (باث) و(يلز
بعد أن لاحظ الخطورة ،الشديدة لنقص القساوسة
صرح لغير رجال الدين أن يسمعوا اعترافات الاحتضار
،كما دون هو نفسه "أو حتى امرأة لو لم يتوفر أي رجل"
لقد تولى الأشخاص الذين يتمتعون ،بجرأة عالية الأمور بإيديهم
ساعين للخلاص مباشرة عبر الكتابات المقدسة
- "اللولارديين" - أو "المتمتمين
أطلقت عليهم هذه التسمية من خلال ،قراءتهم الجهورية للكتاب المقدس
وتشجيعهم للآخرين لعمل ذات ،الشيء عبر ترجمته للانجليزية
وتحريره من إبهام اللغة اللاتينية
وكان "اللولارديين"، على قلتهم، يشكلون خطرا شديدا
على سلطة الكنيسة
ولم يتم انقاذهم من الإضطهاد إلا
من خلال حماية نصيرهم ،الذي يتمتع بالقوة الكبيرة
،ابن الملك (إيدوارد) الثالث جون أمير جونت)، دوق لانكاستر)
فرجال مثله انجذبوا لأشكال جديدة من التقوى والتوبة
لأن الطاعون جعلهم يعون بشكل حاد
أن "ملِك الموت" لا يحترم ...الفروقات الطبقية ولا الثراء
وبما أن ضربته ستكون حتمية فمن الأفضل لهم أن يكونوا مستعدين لتصفية الحساب
وجميعهم كانوا على علم بالحكاية التحذيرية للثلاثة أحياء مقابل الثلاثة أموات
ثلاثة من الملوك الشباب الوسمين يخرجون بيوم لطيف لممارسة الرياضة
فيجدون نفسهم فجأة بمواجهة ،ثلاثة من الجيف غير الوسيمة
كل منها تكون بحالة مختلفة من التعفن والتشوه
الاخوة ماركس" من الجحيم"
- فصاح الثلاثة الأحياء تباعا "إني خائف،" ثم "واعجبا لما أرى"
"و"اعتقادي أنهم من الشياطين
- ثم يرد عليهم الثلاثة الآخرين "،هكذا سيكون حالكم"
،"وأنا كنت حسن الاخلاق" "و"فحبا للرب، حاذروا
أما الهالك الأقصى من الثلاثي المخيف أدلى تاليا بخطبة قصيرة
اعلموا أنني كنت زعيما على" ،قبيلتي وامرائي وملوكي ونبلائي
وعلى العائلة المالكة" ،والاغنياء المفتونين بالثروة
أما الآن لست سوى قبيح وضئيل" "لدرجة أن حتى الحشرات تأنف مني
لقد كان هذا غزوا لم يكن آل (بلانتيجينيت) بإنجلترا مستعدين له
ألا وهو غزو الحيز المكاني على الأحياء من قبل الأموات
فالإدراك حول الحدود الفاصلة ما بين الفناءات الخلفية والمقابر قد انهار
فخلق حالة من الاضطراب المفاجئ
"وبمواجهة "ملك الموت فإن لا الغِنى ولا الشهرة
قادرتان على شراء النجاة أو ضمان الخلود
وقد وجدت حالة اللا أمان هذه طريقها - للتعبير عبر نوع غريب من الأضرحة
الجثث المشوهة" والذي يعني" "بقدر كاف "التالفة
أضرحة "الجثث المشوهة" كهذه ،(الموجودة في كاثدرائية (كانتربيري
يتم تذكُّرك على مرتين
لقد كانت قبور مكونة من سطحين
بالسطح العلوي يراك الناس ،بالمظهر المألوف لك بالدنيا
كفارس تحمل درعا أو أسقفا بكامل ردائك الأسقفي
أما بالسطح السفلي فتقبع ،هناك كهيكل عظمي عاري
حيث يسقط الجلد والجسد من العظام
"العقلية التي صنعت قبور "الجثث المشوهة ،كانت تحتوي على نوع من الحسد المعكوس
عزم على السقوط إلى (ما وراء الـ(جوناس
وأن لا تخضع لأي أحد بوعيك المتألم
بأنك مهما علا شأنك فإنك ستتضاءل قريبا جدا
لتتحول إلى ركام من التراب والديدان
،وتمثلت الفكرة بالمقارنة ،المريعة إلي أقصى حد
ما بين نوعين من الوعي الذاتي
فمن ناحية كيفية رغبتك بأن يتذكرك الجميع عند الموت- بإشراق وورع
،ومن الناحية الأخرى - الطريقة التي نحن عليها فعلا
وهي المثيرة للشفقة بموتنا الشاحب
"لقد ولدتُ معوزا"
كما هو مكتوب بالنقش المدون )على ضريح أسقف (تشيتشلي
ثم ارتقيت إلى أسقف"
أما الآن فأنا مقطع إربا ومقدم كطعام للحشرات
"فانظروا لقبري"
فقط من يتبوأ أعلى المناصب بالبلاد بدا أنهم نجوا الضرر
إيدوارد) الثالث الذي كان) ،محاربا باهرا لا يقهر
كان آنذاك أصبح أبا كهلا لشعب ضعيف
إلا إن الخلافة الملكية بدت مضمونة
"ابن إيدوارد)، "الأمير الأسود) ،وريث العرش
كان بطلا اسطوريا بالفعل
لكن حينها وخلافا لكل التوقعات فإن الصورة قد تغيرت
قضى "الأمير الأسود" نحبه بسبب ،مرض "الزحار" عام 1376
وتوفي بالعام التالي الملك العجوز نفسه أخيرا
فانتقل بالتالي العرش لحفيد (إيدوارد)، (ريتشارد) من (بوردو)
،وحيث أنه كان ملك صبي نصب قبل أوانه فإن (ريتشارد) كان حاكما بالاسم فقط
(والكل كان يعلم أن عمه (جون) الـ(جنتي عمل على السيطرة على السلطة
وقد تم تنسيق حفل تتويج (ريتشارد) من قبل (جون) الـ(جنتي)
،لكي يكون كمهرجان لتقديم الولاء
وتعبير عن الإيمان بالمستقبل غير الحالك لمجد إنجلترا
لم يقم أي احتفال تتويج لمدة نصف قرن قبلها
لكن مزيج الأجواء الاحتفالية والابتهاج
لم تفشل أبدا بأن تؤدي رونقها
فكان فرسان المقاطعات يأتون رِكابا من جمييع أنحاء إنجلترا
لكي يشهدوا المناظر الاحتفالية
،باليوم التالي بالكنيسة
عمل (ريتشارد) على خلع قميصه خلف ستار ذهبي
وعلى وضع الزيت المقدس على وجهه ويديه وصدره
ثم انصتوا إليه بصوته الصغير كصبي
وهو يعد بحماية الكنيسة ويقيم العدل
وأن يحترم القوانين ،والأعراف التي أقامها أسلافه
ولا بد أن جموع النبلاء والقساوسة قد تصوروه وهو يكبر
لكي يلائم العرش الضخم لجد (جده الشرس (إيدوارد الأول
وحتما، حال انقضاء الاحتفال ،بكل رتابة بحلول الظلام
فإن (ريتشارد) خلد للنوم
،وبينما تم حمله من الكنيسة ،فإن إحدى رجليه كانت تتدلى
وأحد خفّيه الأكبر مقاسا ،من قدمه سقط منها
لكن من كان سيفكر أن هذا كان فألا سيئا؟
فقد كان على أي حال يبلغ العاشرة فقط
كيف ترك هذا أثره على الصبي؟ ،بعد 22 عاما
هل تذكر هذه اللحظة من ،الاختيار كنوع من من التمجيد
بحيث تكون كتحول سحري من رجل صغير إلى إله صغير؟
ربما يكون (ريتشارد) اساء الفهم ،بتصوير نفسه كالمسيح
حيث أن فقط شخصا بهذا النوع من الثقة الفطرية بالنفس
،أمكنه مواجهة ،وهو بعمر الـ14 الغض
الثورة الأكثر عنفا بتاريخ إنجلترا بالعصور الوسطى
لقد حدث الأمر بسرعة ،مذهلة ومرعبة
وبدأ بالحدوث من - حيث لم يكن متوقعا
ليس بأحد الأماكن الفقيرة ،والموغلة بأصقاع البلاد
بل بأكبر منطقة متطورة ،اقتصاديا بإنجلترا الريفية
حيث حزام الثراء والأراضي ،(الخصبة الممتدة من (كينت
(مرورا بـ(ميدواي) والـ(ثايمز إلى (إيسيكس) وجنوب شرق إنجلترا
الشيء المميز حول ثورة الفلاحين
هو أن الناس الذين أشعلوها لم يكونوا حقا من الفلاحين إطلاقا
بكل الأحوال، لم يكونوا قطعا ،من الذين يعانون المشاكل
أو الفلاحين الريفيين الأجلاف بالمذاري كما الأساطير
كلا، بل كانوا أناس لديهم شيء ليخسروه ،ألا وهو مكانتهم كصفوة القرية
رجال كانوا يخدمون كمستشارين ومسؤولين وقضاة
رجال انتقلوا لهذه الأراضي الشاغرة
التي خلفها ضحايا الطاعون
لقد كونوا ثروة من المال ولا يودون أن يروه يذهب سدى
لتجمعه جيوب بعض من المحاميين (والموظفين الرسميين في (ويستمينيستر
وما أكثر من ذلك، كانوا يعرفون كيف يشكلون جيشا
من أولئك الذين تراجعوا بالسلم الاجتماعي
،والعائلات التي تلامس خط الفقر
الذين اضطروا لعرض أياديهم العاملة لكي يحققوا غاياتهم
وقد كانوا غاضبين بالفعل على محاولات الحكومة
لإرجاع عوائدهم التي ارتفعت بثبات للمستويات التي كانت عليها قبل الطاعون
لقد مال الميزان لمصلحة الناجين
وكانوا مصممين على إبقائه على هذا النحو
كل أولئك الناس عبر - أساليبهم المختلفة
-أو كما تصوروا أنفسهم سائرين على درب النجاح
وسيقاتلون لو تطلب الأمر لأن يبعدوا عن نفسهم
شبح الغرق في طريق الفشل
- هل كانت هذه إذن حربا طبقية
وهي مصطلح حريّ بنا عدم استخدامه منذ الموت الرسمي للماركسية؟
أجل، لقد كانت كذلك
والشك الذي يعم إنجلترا القروية - كان أن القوة الحقيقية خلف العرش
(عبر (جون) أمير(جونت - والملكة الأم والمستشار
كانوا يجمعون الضرائب الحديثة ،لا لتمويل حرب وطنية بفرنسا
بل لتبذيرها على قصورهم وأملاكهم الخاصة
ولهذا عندما أقر البرلمان ،بعام 1380 ضريبة الرأس
والتي لم يتم لأول مرة بها ،تقييم مستوى الثراء الفردي
ولا بد أن الفلاحين أصحاب الأراضي تصورا آفاقا بشعة للمستقبل
بحيث أن كل ما جنوه من أرباح كدحوا من أجلها ستقتنصه حكومة جشعة
لقد كان هناك غضب جنوني لا يقبل ،المساومة وتهرب جماعي عن الضرائب
ما أدى إلى تصعيد الأمور نحو تمرد شامل
فقد تمت مهاجمة محصلي الضرائب ورجال الأمن وقتل بضعة منهم
،(وقد انتخبوا بـ(ميدستون) (وات تايلر
،وهو حرفي فلاح كقائد لهم وزعيم
(وقاموا بتحرير رجل من جماعة الـ(لولارد ،(ومعارض لرجال الكنيسة يدعى (جون بول
الذي كان قد سجن بقصر الأسقف
جون بول) من الأنواع التي) يمكن تمييزها، فهو راهب واعظ
يدفع بالتشدد الناتج من "الموت الأسود" لأقصى مداه المنطقي
تخلصوا من الكهنوتية وملاك" ،الأراضي" كما ذكر (بول) مجادلا
وسيتشرف المسيح" "مرة أخرى بمعانقة الفقير
ألا ننحدر جميعا من نفس الأب والأم، آدم وحواء؟
فما هو المبرر الذي يقدمونه عن سبب وجوب كونهم هم أسيادا أكثر منا؟
،إنهم يلبسون المخمل والفرو الغالي
بينما نجبر نحن على ارتداء الملابس الرثة
ويتناولون النبيذ ،والبهارات والخبز النقي
بينما نتناول نحن الخمر الرديء فقط ،ومخلفات شراب القصب
وعندما نتناول شرابا فلا بد أن يكون ماءً
،يطلق علينا عبيد
وإذا لم نؤدي مهماتنا فسنتعرض للضرب
فلنذهب للملك ولنقدم احتجاجنا إليه
فقد نحصل على استجابة إيجابية
وإذا لم يحدث ذلك فلا بد أن نسعى لتعديل شروطنا بأنفسنا
،وعلى هذا فقد زحفوا
ويأن في عقولهم الحمى ،"المهلكة للـ"موت الأسود
ويعلو بأصواتهم شعارات المساواة والجزاء
،وعلى كل حال (لم يكن (وات تايلر) و(جون بول
(و(روبرت كيف (من (دارتفورد بيكر
سوى الثلاثة أموات الذين يواجهون المدللين والأثرياء والكبار
بيوم حسابهم
وبصباح الـ12 من يونيو 1381 قام ،جيش ضخم، ما لايقل عن 5 آلاف مقاتل
،ربما يوازي قوة 10 آلاف من المقاتلين
(بالتعسكر هنا على حقول (بلاكهيث
على حافة لندن تماما
وأمكن بالأسفل منهم - رؤية المدينة
كنيسة سانت بول القديمة والجسور ،المزدحمة بالمحلات و(ويستمينستر) بالخلف
كلهم يبدون تحت رحمتهم كما يبدو
،لم يكن هؤلاء من الرعاع ،منذ استهلال الثورة
فإن أهدافها تم انتقاءها - بعناية لتوصيل رسالة
فالكنائس الثرية والعقارات التي تعود لمحصلي الضرائب
وأي وثيقة تحمل ختم خزانة الدولة
أصبحت علامة من علامات الدمار
وتم إلقاء حسابات القصور والعزب بالنار
لقد كانوا يعلمون ما كانوا يقومون به
إلا أن المتمردين وبصورة مناقضة على ولائهم بشكل وطيد للعرش
ورغم أنهم اعتبروا أنفسهم ،خارجين على القانون
إلا أن هناك فكرة مترسخة لديهم وهي أن قضيتهم كانت عادلة
ومن المؤكد أنهم يرون أن تحركهم لم يكن
لكي يهددون الملك ،بل لكي ينقذوه
ومن خلاله ينقذون أنفسهم
،انضباط المسيرة العسكرية رغم ذلك
لم تنجح بعمل اتصال مع المدينة الكبيرة
فقد تم فتح السجون على مصراعيها وتم نهب الكنائس وأشعلت النيران بالقصور
(وتم جز عنق 35 تاجر (فليمنجي بنفس القطعة السكنية
واحدا تلو الآخر
وألقي القبض على أسقف (كانتربيري)، (سايمون سودبيري)
بينما كان يؤدي الصلاة في كنيسة (سانت جون) الصغيرة
وقد قطع المتمردون ،الهائجون رأسه
وعلقوها على رزّة واستعرضوا بها بابتهاج عبر الشوارع
وبعشية يوم الخميس ،الـ13 من يونيو
تسلق الملك المراهق ،أحد الأسطح بالبرج
ولا بد أن ما رآه ،قد فطره بكل فزع
حيث التهبت السماء للون الأحمر وتدهورت لندن إلى خراب مشتعل
لكن (ريتشارد)، وهو محاصر بهذا الكابوس، لم تبد عليه علامات الهلع
فعندما طلب منه المستشارون ،التفاوض مع المتمردين
من الجلي أنه لم يبدِ أي تردد
لقد كان الصبي هو رجل الساعة
،فقد كانت جبهة شجاعة فبالنسبة لـ(ريتشارد) فلا بد أنه فكر
ألا وجود لفرصة تمكنه من النجاة
وقام قبل الاجتماع بالصلاة ،في ضريح (إيدوارد) المعترف
عراب قديسي كل (ملوك الـ(بلانتيجينيت
ثم قاد ركابه عبر الجماهير المحتشدة
(لكي يقابل (وات تايلر (وبقية القادة في (سميثفيلد
(وعندما وصل لـ(سميثفيلد أمكن للملك رؤية المتمردين
مرابطين بالجانب الغربي والطرف الملكي بالشرق
(اتجه (تايلر) نحو (ريتشارد ،وترجل من حصانه الصغير
وانحنى لوقت قصير جدا أي بطريقة غير مقنعة
إلا إنه حينها صافحه وناداه بأخيه
"لماذا لا تعودون لدياركم؟" ،سأله الملك بنبرة حزينة
فاستجاب (تايلر) بلعنات عالية الصوت وحزمة من المطالب
كان من أهمها ،عقدْ (ماجنا كارتا) جديد
يُخصص هذه المرة لعموم الناس
حيث تُلغى به العبودية ،وتُصفي به أملاك الكنيسة
ويمنح من خلاله عفوا عاما ،لكل الخارجين عن القانون
ولو لم يكن كل هذا ،متشددا بقدر كافٍ
فإنه سيجعل كل إنسان، تحت مستوى الملك، متساويا
(والآن، رد (ريتشارد "،على هذا بـ"نـعـم
وربما كان يعقف أصابعه ،خلف ظهره إخلالا بالوعد
وربما كان (وات تايلر) شديد ،الإندهاش بهذا التنازل
بحيث أنه لم يعرف ما هي خطوته التالية
ولهذا فقد عمّ صمت غريب على ،كل شخص كان متواجدا بالميدان
(لم يقطعه سوى طلب (تايلر لقنينة كبيرة من شراب المزر
فيحصل عليه وينزله - ثم يعود لركوب ظهر حصانه
رجل ضخم الجثة - على حصان صغير
،وبهذه اللحظة تحديدا تـغـير التاريخ
كان هناك شخص ما من طرف ،الملك لم يكن يقرأ النص
أو ربما لم يكن قادرا على تحمل المزيد من الإذلال
لقد كان شابا أقل من مرتبة (الفرسان وكان بعمر (ريتشارد
حيث صرخ بوجه تايلر) بأنه لص)
وقد كسر فترة السحر الغريبة
،قام (والويرث)، العمدة ،المتشدد دائما
(بمحاولة القبض على (تايلر
،فنشب نزال من على ظهر الخيول
فنال (والويرث) فرصة ،تسديد الضربة الحاسمة
حيث وجه ضربة قاطعة لـ(تايلر) ما بين كتفه وعنقه
الذي ما إن سقط حتى طوقه ،رجال الملك ليقضون عليه
لكن حرصوا على عدم رؤية معسكر المتمردين لما يجري
لقد كانت هذه بطريقة أو بأخرى لحظة الحقيقة
وقد كانت أيضا اللحظة التي ،تحرك بها (ريتشارد) نفسه
بكل حسم وبشجاعة مدهشة للعيان
حيث اتجه مباشرة للمتمردين ،مرددا صرخته الشهيرة
"لن تحظون بقائد سواي"
لقد اختيرت هذه الكلمات بكل ذكاء
وكانت طبعا غامضة بطريقة متعمدة
فقد بدا بالنسبة للمتمردين أن ،ريتشارد) ذاته أصبح قائدهم الآن)
كما كانوا يرغبون بالضبط
ولكن من الممكن أن تلك الكلمات تعني
التوطيد الأول للسلطة الملكية
وأيا كان المعنى، فقد نزع هذا فتيل الأزمة الوشيكة
(ومنح للعمدة (والويرث فرصة للعودة إلى لندن
وتحريك الجنود المسلحين
والآن أمسى من الممكن البدء - بتشتيت التمرد الذي أصبح بلا قيادة
بحذر بالبداية عبر ،منح العفو والرحمة
ولكن تاليا بقرارات لا تعرف الصفح
بعد اسبوع فقط من التنازلات ،(الواضحة في (سميثفيلد
تقابلت مجموعة أخرى من المتمردين ،(مع ( ريتشارد) بـ(والثهام) في (إيسيكس
لكنهم وجدوا ملكا مختلفا
أيها البائسون البغيضون ،الذين تعيشون أرضا وبحرا
،يا من تسعون نحو المساواة بالسادة !إنكم غير جديرين بالحياة
فاوصلوا هذه الرسالة لأشباهكم
كنتم فلاحين أقظاظ ولا زلتم فلاحين أفظاظ
ستبقون أسرى للعبودية ليس كما كنتم سابقا، بل أشد وأقسى
ولطالما بقينا على قيد الحياة ،فسنبذل كل ما بوسعنا لقمعكم
وستكون مأساتكم مثالا بعيون الأجيال القادمة
ورغم ذلك فسنجعلكم تحظون بالحياة إن بقيتم أوفياء
فاختاروا الآن أي طريق تسلكون
فاختار المتمردون الخيار الوحيد الذي كان مفتوحا لهم واقعيا
،لقد جثوا على ركبهم ساجدين وانتهى كل ما بالأمر
وكان الملك فعليا هو الوحيد الذي بقي صامدا
لكن ما كان تأثير كل هذا على (ريتشارد)؟
وما الذي اعتقد أن بمقدوره أن يفعله؟
،يا مولاي القادر على كل شيء
تحتشد بغمامه نيابة عنا ،جيوش من الطاعون
يريدون ضرب ابناءك الذين لم يولدوا وينجبوا بعد
التي رفعت أياديهم الخاسئة عن رأسي
وهددت مجد عرشي العزيز
رغم أن مسرحية (شكسبير) المأساوية ،تبدأ بعد أعوام من ثورة الفلاحين
فإنه من الصعب عدم التصديق أنه ،عبر تجسيده للشخصية المشاكسة
،والمغرمة بذاتها كشخصية (ريتشارد) الثاني
أن هناك إحساسا من أن أحدا وقع بشَرَك
خيال المراهقة حيث شعور القوة الغير قابلة للتدمير
،وما من سبيل للإنكار بأنه ،لا سيما بأوقات الأزمات
كان عرضة لتأرجح المزاج ،بشكل غير متوقع
ما بين المشاعر المتدفقة للقدرة الكلية وبين القدرية المتذللة
ولكن من السهل المبالغة ،بعدم كفاءته للحكم
بما أنه كان بشكل ما غير مستقر بطريقة تثير الشكوك
كانت بنيته الجسمانية على طريقة ،الـ(البلانتيجينيت) المألوفة
فطوله يبلغ ستة أقدام ،وله شعر أشقر طويل منساب
،ولكن على خلاف جده لم يتمكن من الاحتفاظ بالخليلات
،وبدا راغبا، بشكل غير مألوف (لأن يكون مخلصا لزوجته (آن
(وكان الرجل المنتمي لآل (بلانتيجينيت ينقض ممزقا للحوم ويشرب بصوت عال
أما (ريتشارد) فلم يصرّ فقط ،على استعمال الملعقة
بل فرض ذلك على بقية أفراد البلاط
وكان رجال آل (بلانتيجينيت) يجلبون لكم الانتصارات مخضبة بالدماء
على الأعداء المتوارثين ،في فرنسا واسكتلندا
(بينما جلب (ريتشارد لإنجلترا مناديل الجيب
رجال الـ(بلانتيجينيت) الحقيقيون كانوا يبنون الحصون
أراد ريتشارد بدلا من ذلك مساحة احتفال (ضخمة في (قاعة ويستمينيستر
مشيدة بقبة ذات عوارض على شكل مطرقة مذهلة
ورمزت صفوف الملائكة على ألوهية حق الملك بالحكم
والملائكة بالمقابل مدعمة بقواعد حجرية منحوتة
،(حاملين شعار (ريتشارد الأيل الأبيض
لكن الغرابة الغير مألوفة (المنسوبة لـ(ريتشارد
لم تبدُ غريبة بشكل كبير إن تصورته "أميرا من "عصر النهضة
كان يعتبر أن الحياة الحضارية
ليست بالضرورة مؤشرا على كون المرء لا إنجليزيا
لوحة (ويلتون) المزدوجة هي أقرب تصوير توضيحي
لرؤيته الممجدة للملوكية
شعر (ريتشارد) بصورة غريزية ،أنه ينتمي لرفقة القديسين
:ولذلك يوجد هنا مع ثلاثة منهم
يوحنا) المعمودي و(إيدوارد) المعترف)
(والملك الساكسوني الشهيد (إيدموند
واللوحة الأخرى تعرضه بصورة ،أكثر تمجيدا من رفقته للملائكة
ابن المسيح والعذراء
فهو نائبها المعين
وهي تستلم مملكته كمهر لها
وبالمقابل ستنزل عليها حمايتها وعطفها المميزين
لم يكن الاسلوب الاحتفالي - كما قرر الملك مجرد تظاهر
- نافذة استعراض السلطة
بل كانت، بصميم غموضها، تمثل قدرتها لجعل الرجال يقدمون الطاعة
(وكان هذا في بال (ريتشارد
عندما، لأول مرة في ،تاريخ الملكيات البريطانية
أمر الملك بأن يخاطب ،"بـ"صاحب الجلالة" و"صاحبة السمو
كنوع من رفعة التوقير
لكن ما كان يبدو كشيء من ،(التهذيب بالنسبة لـ(ريتشارد
كان بالنسبة للنبلاء دليلا على أن الملك قد فقد الإحساس
بمصالحهم المشتركة
(كان رفض (ريتشارد مواصلة الحرب ضد فرنسا
مصدر إزعاج واضح للنبلاء
فقد انتفعوا بشكل إيجابي كبير من الحملات الخارجية
وبنوا القلاع المدهشة كهذه ،(الموجودة في (بوديام
للحراسة من أي غزو فرنسي
لكن يد الملك العليا هي التي كانت من يدفعهم بالنهاية للتحرك
أمكن لـ(ريتشارد) عبر إصدار ،المراسيم الملكية تخطي البرلمان
وقد مضى خارج مساره بإغداق ،المكارم على الأصدقاء والمستشارين
(والرجال مثل السير (سايمون بيرلي ،(و(روبرت دو فير
الذي تمت ترقيته على نحو سخيف كدوق على إيرلندا
ولم يملك النبلاء سوى الرد عبر سلاحهم الوحيد المتوفر - البرلمان
بفبراير عام 1388، فإن خمسة من المحسوبين على الملك
تعرضوا للاتهام بتهمة إفساد شبابه وبراءته
لكي يحققوا بعضا من طموحاتهم الخاصة
جميعهم أدينوا بجريمة الخيانة
حيث أصبح يطلق عليه "لهذا "البرلمان القاسي
أما (روبرت دو فير) وهو الرجل ،المكروه كثيرا لدى ثقاة الملك
،فقد هرب قبل أن يتم تنفيذ الحكم
(لكن الحظ لم يحالف (سايمون بيرلي
زوجة (ريتشارد) الملكة توسلت راكعة من أجل اطلاق حياة (بيرلي)، لكن دون جدوى
قد يكون (ريتشارد) نجح ،بسحق ثورة الفلاحين
لكن نبلاء المملكة كانوا شيئا آخر تماما
،وبعد أن تعرض للقهر بهذا الإذلال
فإن الملك قد انطوى ،على نفسه بعزلة مستبدة
إلا إنه لا يزال يمتلك قدرا (كافيا من طبع آل (بلانتيجينيت
بأن يميل لنزعة الرغبة بدلا من تطويع النفس
فعمل على استباب السلام ،لمدة عشرة أعوام تقريبا
لكن عندما ماتت ،محبوبته (آن) بسبب الطاعون
فَقَد (ريتشارد) الشخص المؤثر الوحيد الذي كان يكبح جماحه
وقام بفرض شخصيته من جديد عبر انتقام عاصف مذهل
وتحت ذريعة وقوع ،مؤامرة أرستقراطية
قام بالتخلص بطريقة وحشية من زعماء
البرلمان القاسي" آنذاك" قبل عشرة أعوام
(أُعدم "إيرل" (أرونديل
،(ونفي "إيرل" (وارويك
،(وقتل دوق (جلوسيستر) عم (ريتشارد
حيث خُنق بسريره بأوامر الملك
فتم تصفية الحساب القديم أخيرا
(حسنا، قد يعتقد المرء أن (ريتشارد ،يمكنه أن يحتوي شعوره بالانتصار
ولو على سبيل المصالح التي يحافظ بها على نفسه فقط
لكن (ريتشارد) الثاني قد ،اكتشف الآن أن الناس، لأول مرة
أصبحوا يخافون منه، واكتشف كذلك أن هذا الوضع يروق له
فاستمتع بذلك كثيرا وضرب بقوة كل من يظن بهم عدم الولاء
،واستبدلهم بالمتملقين والمتزلفين
ومحاط دائما كلما أكل ،أو نام أو سافر بجيش خاص
كما لو أنه كان إمبراطورا رومانيا
إلا إنه ما بين ثنايا هذه ،الأوهام من القوة العظيمة
فإن (ريتشارد) ظل بشكل عصبي عديم الشعور بالأمان
،وبأدنى درجات الشك بالخيانة
حكم بشكل متسرع على ابن (جون) أمير (جونت)، (هنري بولينجبروك)
بالنفي لعشر سنوات دون حتى أن يتظاهر بإقامة محاكمة صورية
ولو أن مثل هذه العدالة المختصرة ،جعلت طبقة النبلاء الإنجليز بحالة اضطراب
فإن ما حدث تاليا تركهم بحالة ذهول
،(عندما مات أخيرا (جون) أمير (جونت
قرر (ريتشارد) زيادة (عقوبة (بولينجبروك
إلى النفي مدى الحياة ،ومصادرة ميراث الدوق الشاب
أملاك (لانكستاير) القيمة باسم العرش
لا بد أن أقطاب إنجلترا ،نظروا بهذا الأمر وقالوا
"لا بد أن يردع وإلا سيصلنا الدور"
كان (ريتشارد) على بعد خطأ فادح واحد ليواجه مصيبة
أما الختام، فكان تشتيت الانتباه القاتل بإيرلندا
حيث قرر أن يحضر الأمراء ،الإيرلنديين ليقدموا الطاعة
لكنه أخذ عدد جنودا يجعله بلا دفاع كاف عن الوطن
وليس كافيا لترويع النبلاء الإيرلنديين
،وقبل أن ينهي عمله هناك
(تنامى إلى سمعه أن (بولينجبروك ،(قد حط بجيش على سواحل (يوركشاير
وأن الأمراء الإنجليز المبعدين قد انضموا لرايته
وبمرور الوقت عاد (ريتشارد)، في حين كان (بولينجبروك) يتولى القيادة بالفعل
بالأراضي الجنوبية والشرقية من إنجلترا
الشيء الغريب أن ريتشارد) بدا بالحقيقة)
غير سبّاق على أعدائه ،سوى بالتشاؤم القاتل
فلما جاءته الأنباء الغير سارة
أن الكثير من حلفائه ومؤيديه وأشد من يثق بهم
قد تحولوا نحو ،الجانب المضاد
لم تكن ردة فعله أن يصر على ،موقفه ويخوض القتال على ذلك
بل فضل الفرار تحت ،جنح الليل عبر البلاد
متخفيا بلباس قسيس ،ونادبا حظه العاثر
وكالعادة ملقيا باللوم به على الآخرين
وبمرحلة معينة من زحفه ،(المتواصل نحو (ريتشارد
غيّر (بولينجبروك) أهدافه من مجرد استرجاع أراضيه
إلى خلع الملك
،"أستطيع رؤية نهايتي" - (قالها (شكسبير) على لسان (ريتشارد
وقامت دعاية من ،لانكستر) صغيرة منمقة)
بحل مشكلة الخلع المحرجة
(عن طريق جعل (ريتشارد ،وكأنه يسلّم العرش
بدلا من من أن يكون قد تم الاستيلاء عليه من براثن قبضته
لقد استغرق الأمر بالحقيقة شهرا كاملا ،(من المفاوضات المؤلمة لنيل (ريتشارد
وحيث أنه أصبح الآن محاصرا ،بالبرج ليتخلى عن العرش
طلبوا منه أن يستسلم ثلاث ،مرات، فقابلها برفض ثلاثي
قبل أن يذعن بالنهاية لما هو حتمي
،وبالـ30 من سبتمبر
تم قراءة بيان عن تنازل الملك ،عن العرش أمام البرلمان
المنعقد تحت قبة ملائكة (ريتشارد) الهائلة
وقد تم الطلب من الأمراء ،(تسمية (هنري بولينجبروك
(إيرل" (هيرفورد) ودوق (لانكستر" ،ليكون الملك (هنري) الرابع
فردوا على الطلب بالهتاف "،أجل، أجل، أجل"
أما (ريتشارد)، الذي لم يعد أميرا إلهيا، فقد تم إبعاده عن الأنظار
(وسجن في قلعة (بونتيفراكت
والأمر المرجح أنه تضور جوعا حتى الموت، نهاية فظيعة
لكنه من المؤكد ألا اتفاق على وجود آثار للاعتداء على جسده
عندما تم الذهاب بها لمراسم الدفن العامة
لقد كان (هنري) وبشكل مثير ،للاستغراب هو من نظم الجنازة الكبيرة
وهي ضربة استباقية ضد أي متآمر هناك
قد يتصور أن من (الممكن إنقاذ (ريتشارد
ليستعيد العرش
(لقد كان ابن (بولينجبروك ،هنري) الخامس)
(من قام بدفن جثمان الملك (ريتشارد (في كنيسة (ويستمينيستر
(وربما أراد (هنري ،بشبهة القتل
كما هو ضحيتها أن تخمد للأبد
،ولا بد أنه كان قد تمنى بعهده
أن جراح الأطراف ،المتناحرة قد تندمل
لكن لم يكن مقدرا لها ذلك
رغم انتصاره شائع ،(الصيت في (أجينكور
فإن (هنري) الخامس ،يبقى كاحتمال قائم
ميتا بعمر الـ35 إثر مرض الزحار
،فلذا لا هو ولا ابنه (هنري) السادس
كان يمكنهما منع ما ترتب على سرقة عرش (ريتشارد) من أمر حتمي
ألا وهي الحرب الطويلة الدموية (ما بين أجنحة آل (بلانتيجينيت
(فلمدة 30 عاما خاضت عائلتي (يورك و(لانكاستر) طريقهما بها بصعوبه
عبر معارك متتالية "نعرفها نحن "بحرب الوردتين
هناك طريقتين اثنتين فقط "لوصف مشاعرنا لـ"حروب الوردتين
فإما أن يجعلك التأريخ الذي لا ينتهي عن الاستيلاء المتكرر للعرش
تشعر بالإثارة نحو ملحمة إنجليزية رائعة
وأما أن تجعلك تشعر بالنعاس قليلا
فإن كنتم من معسكر ،المتحيرين والمشوشين
فإن الشيء المغري طبعا يتمثل بتقليل تدوين كل تلك الفوضى المحزنة
على أنها كشجارات ،فتيان مدرسة أشقياء
يضربون بعضهم البعض بعنف وبلا شعور
(على ميادين (توتاون (و(بارنيت) و(بوسوورث
لكن كان هناك شيء يتعرض ،للمخاطرة تحت كل هذه الفوضى
ألا وهو الحاجة لجعل الملكية ،الإنجليزية موثوقا بها مجددا
،أي إعادة لحمة سلاسل الولاء
الذي كان ممتدا بالسابق (على طول الطريق من (ويستمينيستر
مرورا بحكام القلاع والقصور ،ودوائر العدل بالمقاطعات
والتي تعرضت للانتهاك بشدة بمصير (ريتشارد) الثاني
ولفهم الطريقة التي ترك بها انعدام القانون وسيطرة العنف والفوضى
أثرا كبيرا على عالم القرن ،الـ15 غير الوردي بإنجلترا
فإن لدينا شيئا يمثل أهمية أكبر بالمقارنة
،مع قائمة ميادين المعارك والنبلاء
والملوك وصانعي الملوك
لدينا عبر الرسائل الخاصة ،(لعائلة (باستون) من (نورفولك
أول مراسلة شبه صحفية ،خاصة بالإنجليزية
الصوت الموثق - للناس العاديين
كالمزارعين والمحامين ومدعي الطبقة العليا ومتسلقي المجتمع
وكالكثير من الزوجات ،والأمهات المهمومات
"أقلقت "حروب الوردتين (مارجريت باتسون)
لأن الحروب تجعل من إنجلترا مكانا سيئا
لكي تقوم بتكوين ثروة صغيرة والحافظة عليها
،يا إلهي الكريم، أنزل علينا رحمتك
ذلك أنني لم أسمع قط بمقولات عن كل هذا النهب والذبح
بهذا البلد كما هي الحال الآن
وبالنسبة لجني المال فلم أرَ قط موسما اسوأ من هذا
(وقد تكون إنجلترا كما تراها (مارجريت ،أصبحت عرضة لأعمال النهب
لكن الكارثة الحقيقية تمثلت بالتسوق
،وبالنسبة للقماش الخاص بردائي
فابتهل أن تشتري لي مقاس ثلاث ياردات وربع
منه كما تعتقد أنه يرضيك بالذي يجب أن أرتديه
لأنني جبت جميع محلات ،تجار الأقمشة بهذه البلدة
والأمر هنا خيار ضعيف تماما
(مؤسس سلالة (باستون (كان اسمه (كليمينت The founder of the Paston dynasty was Clement.
،ويوصف (كليمنت) كزوج بسيط
،وهو كما يقال فلاح
لكنه فلاح استغل وقوع الموت الأسود" لصالحه"
ليتسلق أعلى السلّم الاجتماعي للقرية
وكان (كليمنت باستون) فطنا بحيث ،أنه أرسل ابنه للدراسة بكلية الحقوق
وكان يتمتع بالذكاء الكافي ،لفهم أنه من خلال التعليم
بنفس قدر امتلاك الأرض (يمكن لثروات آل (باستون
أن تنتقل للتوارث نهائيا
أصبح ابن (كليمنت) فعلا محاميا وتزوج بالمال
وكذلك فعل حفيده جون ،(الذي نال قلعة (كايستر
(متممًا النهوض السريع لآل (باستون
من حرفة الفلاحة إلى طبقة ملاك الأراضي خلال جيلين فقط
،(أبلغني (جون جيني ،وقد تعلمت بلا ريب مذّاك
بأنك ستمنح الفروسية بهذا التتويج
على اعتبار الأخبار ،المبشرة المذكورة آنفا
للحصول على الملابس الضرورية التي ابتهلنا لها
لكن ليس هناك أمر يتحقق بهذه السهولة، أليس كذلك؟
(فعندما أصبح آل (باستون ،يتمتعون بالتأثير والثراء
أصبح لزاما عليهم أن يجذبوا العداوات
،وطالما كانوا نكرة مجهولين
فإن أمواج حرب الوردتين الدموية ستجري بمكان آخر
ولكن بما أنهم الآن أصبحوا ،ملاّكا للأراضي والقصور والقلاع
فقد أضحوا كذلك أهدافا ،رئيسية للشخصيات الثقيلة
ولم يكن هناك أثقل (من دوق (نورفولك
فقد كان يشتهي دائما امتلاك ،قلعة (كايستر)، والآن بسبتمبر 1469
أتى لكي يحصل عليها
كتبت (مارجريت) بشيء ...من المعاناة لابنها
أحييك أطيب تحية" وأنبأك أن أخيك ورفاقه
"(يتربص بهم خطر محدق في (كايستر"
،إذن، كانت ينتابها شور يائس ،ولكنها كانت كذلك غاضبة جدا
وجعلت ابنها (جون) يشعر ،بلذاعة لسانها
الذي كان لاذعا لأقصى حد
كل رجل بهذا البلد يندهش بأن جعلتموهم يعانون
بأن يتعرضون للخطر لمدة طويلة
خيث سيتعرضون لفقدان أراوحهم وأماكنهم
فبئسا لكم بمقدار ما ناله أي رجل على الإطلاق
فرد (جون) بالكتابة مباشرة لها
أماه، لو احتجت للتنبيه عبر أي رسالة بهذا الوقت
سأكون بالفعل رجلا بليدا
لقد سمعت أنباء اسوأ بعشرات المرات منذ أن بدأ الحصار
،مقارنة بأي رسالة كتبتها لي
لكني أؤكد لك أنه ليس ،من بينهم من هو أكثر قلقا مني
ولا خوف من خطرٍ أكبر من ذلك
وبعد أن واجهوا جيش ،دوق (نورفولك) الضخم
لم يكن لدى آل (باستون) أي خيار سوى أن يسلّموا قلعتهم
لكن سيقوم القانون هذه المرة أيضا بتحويل حقوق ثروتهم لهم
وقد استغرق الأمر زهاء 7 سنين ،من معركة قضائية ومناشدة للملك
لكنهم بالنهاية استردوا كامل ،(حقهم في قلعة (كايستر
على الرغم من أن فرحة النصر بالنسبة ،لبكر (مارجريت) كانت قصيرة العمر
مات (جون باستون) بعدها بثلاثة أعوام بالطاعون
(لقد تغلب آل (باستون على هذه العقبات بطريقهم
لكي يكون لهم وجود ،مستقر بمقاطعتهم
وسيكون ذلك حقيقيا بالنسبة للكثير من ابناء الشعب الإنجليزي أمثالهم
لقد كانوا أساسا من الناجين
فقد نجوا من الطاعون ،ونجوا من أزمة خلع العرش
وسينجون من الحرب الأهلية
،ذهب ملوك وأتى غيرهم - لكن رجال القرية
نفس الرجال الذين زحفوا ،على لندن عام 1381
من الذين كانوا من - الثوّار والمتهورين
أمسوا الآن بطريقهم ليكونوا سادة إقطاعيين للقرية
كان هؤلاء القوم يعلمون ما هو الاسوأ
كانوا يعلمون أن الطاعون يمكنه أن يحصد أرواح الرضع والأطفال
كانوا يعلمون أن الفرسان ،المحليين قد يهيجون عليهم
لكنهم كانوا يعلمون بنفس الوقت عبر ،عمل متساوي ما بين الحصافة والتضرع
سيتمكنون من تجاوز كل ذلك
لهذا تعالوا لقرية إنجليزية ،كهذه بعيدة عن الصخب
ولنقل بحدود عام 1480 - وسترون ما قد تتوقعونه
كنيسة مبنية بالأناقة الاقتصادية ...على الطراز المتحدر
ولأول مرة، توجد دار لخمر المزر "تسمى "البجعة" أو "الضفدع
وبمركز القرية يوجد مسكن بديع
لأكبر مزارع مستأجر بالمنطقة
ولم تعد هناك مجرد أكواخ كبيرة ذات ،غرفة واحدة مصنوعة من العريش والطين
بل قصور مصغرة بقاعاتها الخاصة بها
وخدمها المنتظرين لسيدهم وسيدتهم
ومخزن للمؤن وعلية وغرف استراحة خاصة
لا يجب على المرء أن يبالغ كثيرا بالرضى عن حال بريطانيا
بنهاية قرنها الأول بمواجهة الطاعون
ونهاية طريق ترويع الصدمة لم يكن مليئا بالرغد والنعيم
فلا يزال هناك الفقر المدقع إلى جانب الوفرة
لكن بنفس الوتيرة، فان الأمر الغير محتمل قد تحقق
فمن تحت رماد الطاعون وسفك الدماء
برز بطريقة غير متوقعة - ذلك النموذج من الناجين
رجل الريف الإنجليزي المهذب
ترجمة: فـيـصـل كـريـم الـظـفـيـري http://faisal175.blogspot.com
لمزيد من الترجمات للبرامج الوثائقية www.dvd4arab.com