Tip:
Highlight text to annotate it
X
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
أنا أتيتكم اليوم بفكرة بسيطة من إسطنبول
تدعى "صنكي يدم"
صنكي يدم هي فكرة بسيطة جدا
بدأت من قصة قديمة
حصلت في أيام العهد العثماني
تحكي عن عامل بسيط جداً
يعمل في مكان بالقرب من دكان لصنع الحلويات
وكان في كل يوم يرى هذه الحلويات
وهو في طريقه الى العمل
و يشتهيها
و لكن دخله لم يكن يسمح له
بأن يشتري كل ما تشتهيه نفسه
فكان يعزي نفسه بالصبر، ويتجاوزها
بعد فترة تحسنت أوضاعه جداً
وصار بإمكانه شراء كل ما تشتهي نفسه
ولكنه سأل نفسه سؤالاً بسيطاً جداً
إذا تمكنت في البداية من مقاومة رغباتي
فمالذي يمنعني الآن؟
فأتته فكرة جميلة
أتى بصندوق و وضعه
و في كل مرة يرى فيها شيئا
ويرغب في شرائه ولكنه يستطيع مقاومة نفسه
كان يأخذ ثمنه و يضعه في ذلك الصندوق
و يقول لنفسه :
" صنكي يدم "
و قد إستمر في تطبيق هذه الفكرة
الى أن توفى
و بعد وفاته كانت زوجته تعلم بما كان يفعله
و عندما قامت بفتح الصندوق
وجدت أن المبلغ الذي بداخله كبير جدا
و عندما أخبرت الأهل والأقارب الذين حضروا العزاء
عن الطريقة التي جمعت بها هذه الأموال
شارك جميعهم في زيادتها
وأستخدموها لبناء مسجد له
وسمي المسجد " صنكي يدم "
و هذا المسجد موجود الى الآن في إسطنبول
ولهذا أتيناكم نحن الآن في تيدكس خرطوم 2012
لنعيد إحياء الفكرة من جديد
ولكي نقول نفس الجملة التي قالها هذا العامل البسيط
ولكننا سنقولها باللغة العربية
نود أن نقول :
" كأني أكلت "
[تصفيق]
حسنا
في البداية أود أن أسألكم سؤالاً بسيطاً جداً
كم عدد المرات التي دخلت فيها الى السوبر ماركت
ومعك قائمة بعدد بسيط من المشتروات
و عند مغادرتك للمكان
تجد نفسك تحمل خمس أو ست أشياء أضافية
لم تكن مكتوبة في القائمة منذ البداية
و في الغالب تكون قد اشتريتها فقط لأنك رأيتها
ليس لأي سبب آخر
و كم عدد المرات التي ذهبت فيها الى مطعم
و إشتهت نفسك شيئا
فأشتريته وبمجرد أن بدأت تأكل منه شعرت بالإكتفاء
و كأن لم تشتهيها نفسك منذ قليل
أود أن أخبركم بحقيقة علمية
إن رغبتنا في الطعام مؤقته جداً
تبدأ بمجرد رؤيتنا أو تفكيرنا في الطعام
وبالإمكان ان تتلاشى مباشرة إن إنشغلنا عنها بأي شئ آخر
و لذلك فإن الفكرة وببساطة
أن يحضر كل شخص صندوقا ويكتب فيه
كأني أكلت
و كلما إشتهت نفسك شيئا بسيطا
أو شيئاً بإمكانك الإستغناء عنه
قم بأخذ المبلغ المالي الذي كنت ستشتري به هذا الشئ
و قل لنفسك :
كأني أكلت
وضع المبلغ في الصندوق
حسنا
لم علينا فعل هذا؟
لأن هذه الدائرة تتكرر دائماً معنا
تشتهي أنفسنا وجبة ما
ونذهب الى المطعم ونتناولها
وجميعنا يعلم مصيرها في النهاية
ولكننا اليوم أتينا بمقترح ثاني
نريد القول
كلما اشتهت نفسك شيئاً
قم بأخذ المبلغ الذي كنت ستصرفه في شراءه
وقل لنفسك "كأني أكلت "
وضعها في الصندوق
واستخدمها لفعل شئ لا يدخل السرور الى قلبك فحسب
بل يفرح معك أناساً أخرين
[تصفيق]
حسنا
لكي نعرف هل فكرتنا هذه مفيدة أم لا
وهل بالإمكان ان يستخدم المبلغ المالي الذي ينتج عنها
لفعل شئ ما أم لا
قمنا بتصميم إستبيان بسيط جدا
سألنا فيه : كم مرة تتناول طعامك خارج المنزل؟
وكم تدفع في كل مرة؟
وقمنا بتوزيع هذا الإستبيان على شرائح مختلفة في المجتمع
وعلى مراحل عمرية مختلفة
وانظرو الى النتائج التي توصلت اليها
اللون الأصفر يشير الى الأشخاص الذين يصرفون
من 50 الى 100 جنيه في الشهر على الأكل خارج المنزل
واللون الأزرق هم الأشخاص الذين يصرفون
من 150 الى 200 في الأكل خارج المنزل شهريا
واللون الأحمر والذي كما ترون يشكل نسبة كبيرة
يمثل أشخاص يصرفون أكثر من 500 جنيه
في الشهر
لذلك أود القول
المبالغ التي بإمكاننا تجميعها
إذا قمنا بتطبيق هذه الفكرة
في ماذا نستطيع استخدامها؟
والى أين بإمكاننا أخذها؟
لدينا في السودان العديد من الجمعيات التطوعية والمنظمات
التي تقوم بعمل عظيم جدا
ولكن هذه المنظمات بحاجة الى دعم لكي تتمكن من مواصلة العمل الذي تقوم به
وأنا أريد فقط ان أخذكم في جولة سريعة جدا
لأريكم جزء بسيط من أعمالها
لدينا منظمات تعمل فقط في توفير وجبة الإفطار في المدارس
العاملون في هذه المنظمات يستيقظون يوميا
في الساعة الرابعة صباحا
حتى يقوموا بتجهيز الساندوتشات
لكي توزع في الساعة التاسعة صباحا على المدارس
يكاد يصل عدد الوجبات التي يوزعونها
الى أكثر من 50.000 وجبة فطور يوميا في المدارس
[تصفيق]
كما لدينا من المتطوعين , أولاد وبنات
نذروا نفسهم لبناء المدارس
يذهبون بأنفسهم ليعرفوا أحوال المدرسة
يصلحون ما يقدرون عليه
يطلونها بالجير والطلاء
يجمعون الكتب المستعملة من المدارس التي توزع كتب جديدة في كل سنة
و يأخذونها الى المدارس الطرفية
التي تجد فيها كل خمسة أو ستة طلاب يشتركون في كتاب واحد
وقد يصلون في بعض المرات
الى سد العجز في الأساتذة بأنفسهم
الا يستحق هؤلاء الأشخاص منا وقفة دعم؟
[تصفيق]
كما لدينا كمية من المنظمات تحس بصعوبة المرض
كالسرطان , الفشل الكلوي
زد على ذلك عدم إمتلاكك لتكلفة العلاج
هؤلاء تحملوا كل شئ
يبدأون مع المريض من رحلة التشخيص
يتحملون تكاليف الفحوصات
يتحملون تكاليف العلاج
و إذا كان المريض قادم من خارج الخرطوم
يوفرون له سكن داخلها على حسب مقدرتهم
وليس ذلك فحسب
بل حتى أنهم لم يهملوا الجانب النفسي
هم ينظمون أيام ترفيهية لهم كل شهر
سواء كانوا أطفال السرطان أم أطفال الفشل الكلوي أو غيرهم
أما بالنسبة لبصمتهم في رمضان
فهذا شئ لا يمكن أن نغفل عنه
هم يبدأون العمل قبل رمضان بشهرين أو ثلاثة
يحضرون الحقيبة الرمضانية
لكي تتوزع على المحتاجين ، الأرامل والمساكين
وعندما يبدأ رمضان يحضرون حوالي 1000 مائدة إفطار
يوميا في رمضان
في الدور الإيوائية للمحتاجين، أمام المستشفيات
وبالنسبة ل...
[تصفيق]
أما الأيتام ولكون أن الدنيا حرمتهم من شئ كبير
فإن المنظمات تحاول قدر المستطاع أن تعوضهم
تبدأ بالكفالة الشهرية، الأيام الترفيهية
بالأيام العلاجية
وحتى المعاقين والمكفوفين منهم لهم منظمات
تحاول أن توفر لهم إحتياجاتهم بما تقدر عليه
المسنين ، دور العجزة
إحتياجاتهم اليومية ، زيارات العيد
هذه كذلك لا يهملونها
أما التبرع بالدم لدينا
فإنهم ينظمون حملات خصيصا للتبرع بالدم
في الأسواق، في الجامعات، في الأماكن العامة
والى الآن هنالك ثلاثة جمعيات تعمل في مجال التبرع بالدم
قامت بتحويل ثقافة التبرع التطوعي بالدم في السودان
من 5% الى 30%
هل تقدرون على تخيل عدد الأناس الذين أنقذوهم؟
[تصفيق]
وأريد فقط أن أقول لكم شيئاً أخيراً
لو رأيتم المنظمات التي تقوم بحفر الآبار في المناطق العطشى
ولو شاهدتم بأعينكم فرحة الأهالي بخروج المياه
صدقوني، سوف تستغنون عن أي شئ لترو هذه الفرحة في أعينهم
[تصفيق]
هذا الكلام الذي قلته يمثل جانب بسيط من عملهم
وهي مجرد أمثلة
هنالك غيرهم العديد ممن يعملون
وهنالك الكثير من العمل الطوعي في السودان
ولكن هؤلاء الأشخاص لن يتمكنوا من العمل لوحدهم
ان لم نقف معهم وندعمهم بشئ ما
وفي النهاية ما أود قوله هو
أن الخيار يرجع لكم
جميع هذه الأشياء في متناول أيديكم
لا يغلبكم التحصل عليها في أي وقت
ولكن كذلك أيضاً هذه منظمات و جمعيات تعمل منذ سنين
وتود أن تعمل وتواصل وبحاجة الى دعمكم لها
لهذا أود أن أقول لكم
أن فكرتنا " كأني أكلت"
أود أن أسلّط بها الضوء على شئ واحد فقط
على مبدأ
أن نضحي نحن برفاهيتنا من أجل شخص آخر
أنا لا أسألكم أن تضحوا بالأساسيات
و لا أقول لكم أن تحرموا أنفسكم
ولكني فقط أقول
ضحو برفاهيتكم من أجل شخص ثاني
أنا أعلم أن المشاكل كثيرة جدا
الأسعار في تزايد
والناس مفلسون
والناس جائعون
والناس مريضون
والزحمة شديدة
و أي شخص ينظر الى كل هذا ويقول
بكل هذه المشاكل التي تحدث في السودان
إذا تركت أنا شيئاً مالذي سيتغير؟
لكننا اليوم نريد أن نقول
أن علينا أن نفكر بإيجابية أكثر
أن يكون لدينا إيمان تام
بأننا، أنا وانت و هي وهو
إذا قمنا جميعا بتغيير تفكيرنا وتصرفنا بإيجابية
سنجد حلاً لهذه المشاكل التي تحدث هنا
[تصفيق]
ولهذا السبب
ان لم تستطع أن تعمل بفكرة " كأني أكلت" نفسها
أريد، على الأقل أن تلهمك لفعل شئٍ ما
فكر معنا قليلاً
أنظر الى حياتك و الى كيف يسير يومك
شاهد في ماذا تبالغ أنت و أين هي رفاهيتك
التي بالإمكان ان تستغني لنا عنها
حتى نستطيع أن نغير
من المحتمل أنك تتكلم كثيراً
من المحتمل أنك تغذي هاتفك المحمول بالكثير من الرصيد
وهذا الرصيد يدخل ويخرج دون أن تعلم في ماذا صرِف
في هذه الحالة
مرة ، مرة
قل لنفسك " كأني شحنت "
وقم بأخذ المبلغ الذي كنت ستشحن به هاتفك
وضعه معنا في الصندوق
[تصفيق]
أو من المحتمل أن تكوني من من يكثرون الذهاب الى السوق
تنظرين الى البضائع فيعجبك هذا وهذا و ذاك
وتشترين هذا وذاك
وفي النهاية ترجعين الى البيت ولا تعرفين الى أين تذهبين بهم!
في هذه الحالة أود أن أقول لك
عندما ترين شيئاً
احرمي نفسك قليلاً
وفقط قولي " كأني إشتريت "
وقومي بأخذ مبلغ هذا الشئ
وضعيها لنا في الصندوق
أي شخص يا جماعة يجب أن يبحث عما يناسبه
يرى في ماذا يصرف أمواله
و كم منها يستطيع أن يمنحنا إياه
و لكن إعلم
أن ما تجده رفاهية بالنسبة لك
هو, بالنسبة لشخص آخر، أمل في مستقبل مشرق
هو يمثل له كتاب
هو يمثل له تعليم
هي بالنسبة له سدٌ للجوع و رفعٌ للألم
هذا هو الشئ الذي يمثل رفاهية بالنسبة لنا
[تصفيق]
لهذا السبب أود عندما نغادر هذا المكان اليوم
أن يقوم كل منا بتجهيز صندوقه
ويكتب عليه ما يشاء
اذا أراد أن يكتب " كأني أكلت "
اذا أراد أن يقول "كأني إشتريت"
" كأني شحنت "
في النهاية هي " كأني فعلت "
كما تحب أنت
ولكن قبل أن تفعل هذا الشئ
يجب أن يكون لديك إيمان تام
بأن تضحيتنا نحن بهذه الأشياء البسيطة
التي من الممكن ألا نلحظها
صدقوني
تمنح هؤلاء الناس حياة كريمة
وترسم هذه الإبتسامات العريضة
شكراً جزيلاً
[تصفيق]