Tip:
Highlight text to annotate it
X
المترجم: Yaser the decimal المدقّق: Anwar Dafa-Alla
ماذا يدور
بعقل هذا الطفل ؟
لو أنك طرحت هذا السؤال منذ 30 سنة ،
لأجاب معظم الناس بما فيهم علماء النفس،
بأن هذا الطفل غير مميّز،
وغير منطقي وغير مدرك للآخرين --
أي غير قادر على رؤية الأمور من منظور شخص آخر
أو على فهم الأسباب والنتائج.
في العشرين سنة الماضية،
غير علم التطور النفسي للإنسان هذه الصورة تماما.
لذا ففي بعض النواحي،
نعتقد أن تفكير هذا الطفل
يشبه تفكير أكثر العلماء عبقرية.
دعوني أعطيكم مثالا واحدا فقط على ذلك.
أحد الأشياء التي ربما يفكر بها هذا الطفل،
والتي ربما تشغل ذهنه،
هو محاولة تخمين
مالذي يجري في عقل ذلك الطفل الآخر.
فكما نعلم، من أصعب الأمور علينا جميعا
أن نتوصل إلى ما يفكر أو يشعر به الآخرون.
ولعل أصعب الأمور على الإطلاق
هو أن ندرك أن ما يفكر أو يشعر به الآخرون
في الحقيقة ليس تماما كما نفكر أو نشعر به.
وكل من تابع السياسة يمكنه أن يشهد
بمدى صعوبة استيعاب هذا الأمر لدى البعض.
لذا أردنا أن نعرف
إذا كان الأطفال الرضع وحديثي السن
يمكنهم فهم تلك الحقيقة العميقة عن الآخرين.
والسؤال الآن هو: كيف يمكننا أن نسألهم ؟
فالأطفال الرضع ، رغم كل شىء، لا يمكنهم الحديث،
ولو أنك سألت طفلا ذا ثلاثة أعوام
أن يخبرك عما يفكر فيه،
فكل ما ستحصل عليه هو تدفق جميل من الحوار الدائر في وعيه
عن المهور الصغيرة وأعياد الميلاد , وأشياء من هذا القبيل.
إذن كيف يمكننا حقا توجيه السؤال ؟
حسنا، تبين أن السر يكمن في القرنبيط.
وما قمنا به -- أنا و بيتي راباكولى أحد تلامذتي --
هو أننا قدمنا للأطفال الصغار طبقين من الطعام:
طبق من القرنبيط غير المطهو
وآخر من البسكويت اللذيذ على شكل سمكة
وكل الصغار حتى في بيركلي،
يحبون البسكويت ولا يحبون القرنبيط غير المطهو.
(ضحك)
ولكن ما فعلته بيتي بعد ذلك
هو أنها تذوقت القليل من كل طبق.
ثم أظهرت تعبيرا وكأنما تحب ذلك الطعام أو لا تحبه.
في بعض الأحيان تصرفت
وكأنها تحب البسكويت ولا تحب القرنبيط --
تماما كالطفل الصغير أو أى شخص طبيعي.
ولكن في النصف الآخر من عدد المرات،
ما كانت تقوم به هو أخذ قليل من القرنبيط
ثم تهتف، "ممممممم قرنبيط
لقد تذوقت القرنبيط. ممممممم"
ثم تتناول بعض البسكويت،
وتهتف، "يعععععع بسكويت.
لقد تذوقت البسكويت. يعععععع."
إذن فقد أظهرت أن ما تريده
كان عكس ما يريده الطفل.
قمنا بتلك التجربة مع أطفال بعمر خمسة عشر وثمانية عشر شهرا.
وبعد ذلك كانت تمد يدها إلى الطفل وتقول،
"هلا أعطيتني بعضا منه ؟"
والسؤال هنا هو: ماذا سيعطيها الطفل،
ما يحبه هو أم ما تحبه هي ؟
والجدير بالملاحظة أن الأطفال بعمر ثمانية عشر شهرا،
الذين بالكاد يمكنهم المشي والحديث،
كانوا يعطونها البسكويت إذا كانت تحب البسكويت،
وكذلك كانوا يعطونها القرنبيط إذا كانت تحب القرنبيط.
وعلى الجانب الآخر،
فإن الأطفال بعمر خمسة عشر شهرا كانوا يحدقون بها لفترة طويلة
إذا أظهرت حبها للقرنبيط،
وكأنهم غير قادرين على تفسير الأمر
ولكن بعد التحديق لفترة،
كانوا يعطونها البسكويت،
أي ما يعتقدون أن على الجميع أن يحبه.
إذن فهناك أمران جديران بالملاحظة في ذلك.
الأول أن هؤلاء الصغار بعمر 18 شهرا
قد توصلوا بالفعل
إلى تلك الحقيقة العميقة عن الطبيعة البشرية،
وهي أننا لا نريد دائما ذات الأشياء.
بل والأكثر من ذلك، لقد شعروا بأن عليهم القيام
بما يساعد الآخرين للوصول إلى ما يريدونه.
بل والأكثر إثارة للاهتمام من ذلك،
إن عدم تمكن الأطفال بعمر 15 شهرا من القيام بذلك
يقترح أن هؤلاء الأطفال بعمر 18 شهرا قد تعلموا
تلك الحقيقة العميقة عن طبيعة البشر
في ثلاثة أشهر منذ أن كانوا بعمر 15 شهرا.
إذن فالأطفال يعرفون أكثر ويتعلمون أكثر
من كل ما ظنناه في السابق.
وهذه ليست إلا واحدة من مئات ومئات الدراسات خلال العشرين سنة الماضية
التي برهنت على ذلك.
إلا أن السؤال الذي قد ترغبون بطرحه هو:
لماذا يتعلم الأطفال بهذا الكمّ ؟
وكيف يتسنى لهم ذلك
في تلك الفترة القصيرة ؟
فرغم كل شىء، لو أنك نظرت إلى الأطفال في ظاهرهم،
فهم يبدون بلا فائدة.
بل وفي نواحٍ أخرى عديدة هم في الحقيقة أسوأ من ذلك،
حيث نحتاج إلى تكريس الكثير من الوقت والجهد
فقط لإبقائهم على قيد الحياة.
لكننا لو حولنا انتباهنا إلى التطور
بحثا عن إجابة لتلك المعضلة
أي لماذا نقضي وقتا طويلا
في الاعتناء بالصغار عديمى الفائدة،
فسيظهر لنا أن هناك إجابة.
لو أمعنا النظر في الكثير والكثير من أنواع الحيوانات المختلفة،
ليس فقط نحن الرئيسيات،
بل أيضا الثدييات الأخرى، والطيور
وحتى الجرابيات
كالكنجارو وحيوان الومبات،
فسيظهر لنا أن هناك علاقة
بين طول فترة الطفولة لدى نوع ما
وحجم دماغها مقارنة بحجم الجسم
وبمدى ذكائها وقدرتها على التأقلم.
وأحد الأمثلة الواضحة جدا لتلك الفكرة، هي تلك الطيور هنا.
فعلى جانب
نرى غراب كاليدونيا الجديدة
والغربان وسائر الكورفيديات كالغداف وغراب الرخ وما شابهها
طيور ذكية بدرجة لا تصدق.
وذكاؤها يضاهي ذكاء الشمبانزى في بعض النواحي.
وهذا طائر على غلاف مجلة العلوم
استطاع تعلم كيفية استخدام أداة للحصول على الطعام.
وعلى الجانب الآخر،
لدينا صديقتنا الدجاجة المنزلية المستأنسة.
والدجاج والبط والإوز والديك الرومى
طيور غبية كأشد ما يكون الغباء.
لذا فهم بارعون للغاية فى النقر بحثا عن الحَب،
ولا يمهرون في فعل أي شىء آخر.
حسنا، لقد تبين أن الصغار،
صغار غراب كاليدونيا الجديدة، أفراخ غير معتمدة على نفسها.
تعتمد على أمهاتها
لتلقي بالديدان في أفواهها الصغيرة الفاغرة
لفترة قد تصل إلى عامين،
وهي فترة طويلة حقا في حياة طائر
بينما يصل الدجاج إلى النضج التام
خلال بضعة أشهر.
إذن فالطفولة هي التي تفسر
لماذا ينتهي المطاف بالغراب على غلاف مجلة العلوم
وينتهي بالدجاج في طبق الحساء.
ثمة أمر متعلق بفترة الطفولة الطويلة
يبدو مرتبطاَ
بالمعرفة والتعلم.
فكيف يمكننا أن نفسر ذلك ؟
حسنا، بعض الحيوانات ، كالدجاج،
تبدو مهيأة بشكل جميل
لتبرع في أمر واحد فقط
لذا فهي تبدو مهيأة بشكل رائع
للنقر بحثا عن الحب في بيئة واحدة.
بينما مخلوقات أخرى، كالغربان،
لا تبرع في أمر بعينه،
ولكنها بارعة للغاية
في تعلم واستكشاف القوانين في بيئات مختلفة.
وبالطبع، نحن البشر
نقع على حافة التوزيع كالغربان.
فلدينا أدمغة أكبر نسبة إلى حجم أجسامنا
أكبر بفارق شاسع من أي حيوان آخر.
ونحن أذكى، وأقدر على التكيف،
وأكثر قدرة على التعلم،
نستطيع البقاء في عدد أكبر من البيئات المختلفة،
هاجرنا فغطينا كل بقاع الأرض بل ذهبنا إلى الفضاء الخارجي.
وصغارنا وأبناؤنا يعتمدون علينا
لفترة أطول بكثير من أي نوع آخر.
ابني يبلغ الثالثة والعشرين من العمر.
(ضحك)
وإلى أن يبلغوا الثالثة والعشرين على الأقل،
نظل نلقي بتلك الديدان
في أفواههم الفاغرة.
حسنا، ما السر في ذلك الارتباط ؟
حسنا، أحد الأفكار هي أن هذه الاستراتيجية، استراتيجية التعلم،
استراتيجية قوية وفعالة للغاية للتعامل مع العالم،
إلا أن لها عيبا واحدا مهما.
وهذا العيب المهم
هو أنك حتى تنتهي من كل ذلك التعلم،
ستكون قد أصبحت عاجزاً.
فليس من المحبب أن ترى المستدون ينقض عليك
وأنت تسأل نفسك،
"المقلاع أو ربما الرُمح سيؤدي الغرض. أيهما الأنسب يا ترى ؟"
بل تريد أن تعرف كل ذلك مسبقاً
قبل أن يخرج لك المستدون بالفعل.
والطريقة التي استخدمها التطور - كما يبدو - لحل تلك المشكلة
هي نوع من تقسيم المجهود.
فالفكرة هي أن تكون لدينا تلك الفترة المبكرة حيث نكون تحت حماية.
وليس علينا القيام بشىء. كل ما علينا فعله أن نتعلم.
ثم كبالغين،
يمكننا استغلال كل تلك المعارف التي تعلمناها ونحن صغار
والاستفادة منها للقيام بأشياء في هذا العالم.
لذا يمكننا التفكير بالأمر
وكأن الأطفال الرضع وحديثي السن
أشبه بأقسام البحث والتطوير للجنس البشرى.
إذن فهم باحثو السماء الزرقاء المحميون جيداً
وليس عليهم إلا أن يخرجوا ويتعلموا ويكونوا أفكارا جيدة،
ونحن أشبه بأقسام الإنتاج والتسويق.
حيث نستفيد من تلك الأفكار
التي تعلمناها ونحن صغار
ونضعها قيد الاستخدام.
طريقة أخرى للتفكير بالأمر
هي : بدلا من النظر إلى الصغار والرضّع
باعتبارهم غير مكتملي النمو،
بل علينا التفكير بهم
كمرحلة مختلفة من التطور لنفس النوع --
كاليرقات والفراش مثلا --
غير أنهم هم في الحقيقة الفراشات الزاهية
التي ترفرف في أنحاء الحديقة وتستكشف،
ونحن اليرقات
التي تزحف ببطء في طريق الراشدين الضيق الناضج.
لو كان هذا صحيحاً، أى لو أن هؤلاء الصغار مصمّمون ليتعلموا --
وهذه القصة عن التطور تؤيد أن الأطفال خُلقوا ليتعلموا،
هذا ما وُجدوا من أجله --
فمن المتوقع
أن لديهم أساليب فعالة للغاية في التعلم.
وفي الحقيقة، فإن عقل الطفل
يبدو أنه أقوى حاسوب متعلم
على كوكبنا.
لكن الحواسيب الحقيقية في سبيلها لتكون أكثر كفاءة.
وقد حدثت طفرة مؤخراً
في فهمنا لتعلم الآلة.
وكلها مبنية على أفكار هذا الرجل،
الموقر : توماس بايس،
وهو عالم إحصائي و رياضي من القرن الثامن عشر.
وما قام به بايس بشكل أساسي
كان ابتكار طريقة رياضية
باستخدام نظرية الاحتمالات
لتمييز و توصيف
كيف يتوصل العلماء إلى حقائق عن العالم.
وما يقوم به العلماء
هو أن يكون لديهم فرضية يرونها مناسبة للبدء بها
فيبدأون باختبارها ومقارنتها بالأدلة.
والأدلة تجعلهم يعدلون تلك الفرضية.
ثم يختبرون الفرضية الجديدة
وهلم جرا وهكذا دواليك.
وما بيّنه بايس كان طريقة رياضية لفعل ذلك.
وهذه القواعد الرياضية هي الأساس
لأفضل برامج تعلم الآلة التي لدينا الآن.
ومنذ حوالي 10 سنوات مضت،
اقترحت أن الأطفال الصغار ربما يقومون بالأمر ذاته.
لذا إن أردت أن تعرف ما يدور
خلف تلك العيون البنية الجميلة،
أعتقد أنه شىء يبدو مثل هذا.
هذه مفكرة الموقر بايس.
إذاً أعتقد أن هؤلاء الصغار يقومون في الواقع بحسابات معقدة
باستخدام الاحتمالات الشرطية التي يراجعونها
لاكتشاف كيف يعمل العالم من حولنا.
حسنا، والآن هذا يبدو أمرا يصعب شرحه في الحقيقة.
فكما نعلم، حتى البالغين حين تسألهم عن الإحصاء،
يبدون في غاية الغباء.
فكيف يُعقل أن هؤلاء الصغار يقومون بإحصاءات ؟
ولاختبار ذلك استخدمنا آلة لدينا
تُدعى كاشف البليكيت.
وهو عبارة عن صندوق يضىء ويعزف الموسيقى
عندما تضع فوقه أشياء محددة وليس عندما تضع أشياء أخرى.
وباستخدام هذا الجهاز البسيط،
قام معملي ومعامل أخرى بعشرات الدراسات
التي تظهر مدى براعة الأطفال الصغار
في التعلم عن العالم المحيط.
دعوني أذكر واحدة منها فحسب
قمنا بها أنا و تومار كوشنر، طالبي
لو أنني أريتك هذا الكاشف،
فالفكرة الأكثر احتمالاً أن تبدأ بها
هي أن تنبيه الكاشف يتم
عن طريق وضع القالب فوق الكاشف.
ولكن في الحقيقة، هذا الكاشف
يعمل بطريقة غريبة نوعاُ
لأنك إن لوحت بقالب فوقه جيئة وذهاباً،
وهو أمر يصعب أن تفكر به منذ البداية،
فإن الكاشف يعمل مرتين من كل ثلاث مرات.
بينما، لو قمت بالأمر الأكثر احتمالاً، وهو وضع القالب فوق الكاشف،
فإن الكاشف يعمل مرتين من كل ست مرات فقط.
لذا فالفرضية الأقل احتمالا
هي الأقوى تأييداً من حيث الدليل.
إذ يبدو أن التلويح بالقالب
هي الاستراتيجية الأكثر فاعلية من الأخرى.
وهذا بالضبط ما قمنا به، حيث أعطينا أطفالا بعمر أربع سنوات هذا النمط من الأدلة،
وطلبنا منهم أن يجعلوا الكاشف يعمل.
وبشكل قاطع، استخدم الأطفال بعمر أربع سنوات هذا الدليل
للتلويح بالقالب فوق الكاشف.
وهناك أمران مثيران للاهتمام في ذلك.
الأول هو: - مرة أخرى - تذكروا أن هؤلاء أطفال في الرابعة من العمر.
ما زالوا يتعلمون العدّ.
ولكن دون وعي منهم،
يقومون بتلك الحسابات المعقدة للغاية
والتي ستعطيهم مقياسا من الاحتمال الشرطي.
والأمر الآخر المثير للاهتمام
هو استخدامهم لهذا الدليل
للوصول إلى فكرة، ولوضع فرضية عن العالم المحيط،
قد تبدو بعيدة الاحتمال للغاية في البداية.
وفي دراسات قمنا بها فى معملي منذ وقت قريب، شبيهة بهذه،
أوضحنا أن الأطفال بعمر أربع سنوات هم أكثر مهارة في الواقع
في التوصل إلى فرضيات بعيدة الاحتمال
من البالغين عندما يتم إعطاؤهم ذات المهمة ليقوموا بها.
إذا ففي تلك المواقف،
يستعمل الأطفال علم الإحصاء لمعرفة المزيد عن العالم،
ولكن كما نعلم، العلماء أيضا يقومون بإجراء التجارب،
وقد أردنا أن نرى إذا ما كان الأطفال أيضا بقومون بتجارب.
عندما يجرى الأطفال تجاربهم فنحن ندعو ذلك "تدخلاً في كل شىء"
وفي أحيان أخرى نسميه "لعبا"
وقد أُجريت العديد من الدراسات المثيرة مؤخراً
التي أظهرت أن هذا اللهو والمرح
هو في الحقيقة نوع من برامج البحث التجريبي.
ونرى هنا إحداها من معمل كريستين ليجار.
وما قامت به كريستين هو أن استخدمت كاشفات البليكيت.
وما فعلته هو أنها بينت للصغار
أن القوالب الصفراء تطلق الكاشف بينما الحمراء لا تجعله يعمل،
ثم أرتهم حالة شاذة عن تلك القاعدة.
وما سترونه الآن
هو كيف أن هذا الطفل الصغير سيختبر خمس فرضيات
على مدى دقيقتين.
(الفيديو) الطفل: ماذا لو قمنا بهذا ؟
تماماً كالناحية الأخرى.
أليسون جوبنيك: حسناً، إذن فرضيته الأولى تم إثبات خطئها.
(ضحك)
الطفل: هذه أضاءت، أما هذه : لاشىء.
أ.ج. : حسنا ها هو يخرج دفتر تجاربه.
الطفل: مالذي يجعل هذه تضىء؟ .
(ضحك)
لا أدرى.
أ.ج. : كل عالم يعرف بلا شك تعبير اليأس هذا.
(ضحك)
الطفل: أوه ، هذا لأن هذه ينبغى أن توضع هكذا،
وهذه يجب أن تكون هكذا.
أ.ج. حسناً ، الفرضية الثانية.
الطفل: هذا هو السبب.
أوه.
(ضحك)
أ.ج. : حسنا هذه هي فكرته التالية.
لقد طلب من منظم التجربة أن يقوم بالآتي،
أن يحاول نقلها إلى نفس مكان الأخرى.
لكن هذا أيضاً لم ينجح.
الطفل: أوه، لأن الضوء يخرج من هذه فقط،
وليس من تلك.
أوه، أسفل هذا الصندوق
فيه كهرباء هنا،
أما هذا فليس به كهرباء.
أ.ج. : حسنا، هذه فرضية رابعة.
الطفل: إنها تضىء.
إذاً عندما تضع أربعة.
إذن نحتاج أربعة فوق هذه لتضىء
واثنتين فوق هذه لتضىء.
أ.ج. : حسنا ها هي فرضيته الخامسة.
في الحقيقة، هذا الطفل تحديدا..
هذا طفل حبّوب ومنظم التفكير بشكل استثنائي،
ولكن ما اكتشفته كريستين هو أن هذا أمر طبيعي جدا في الواقع.
لو أنك تأملت طريقة لعب الأطفال، أو حين تطلب منهم تفسير أمر ما،
فما يقومون به هو في الحقيقة سلسلة من التجارب.
هذا أمر طبيعي للغاية لدى الأطفال بعمر أربع سنوات.
حسنا، كيف هو شعور أن تكون هذا النوع من الكائنات ؟
كيف هو إحساس أن تكون إحدى تلك الفراشات المتألقة
والتي تستطيع اختبار خمس فرضيات في دقيقتين ؟
حسنا، إذا رجعنا إلى علماء النفس هؤلاء والفلاسفة،
فالعديد منهم قالوا
أن الأطفال الرضع وصغار السن بالكاد يعون ما حولهم
إن كان لديهم وعي من الأساس.
وأنا أعتقد أن الصواب هو العكس تماماً.
أعتقد أن الأطفال الصغار هم في الحقيقة أكثر وعياً منا كبالغين.
والآن إليكم ما نعرفه عن كيف يعمل وعي الشخص البالغ.
فوعي الشخص البالغ وإدراكه
يبدو نوعا ما كضوء كشاف مسلط.
فما يحدث لدى البالغين
هو أننا نقرر أن أمراً ما ذو صلة ومهم،
وعلينا أن نوليه اهتمامنا.
ووعينا بذلك الأمر الذي نوليه اهتمامنا
يصبح ساطعاً للغاية وزاهياً
وكل ما عداه يصبح مظلماً.
بل إننا أيضا نعرف شيئا عن كيفية قيام الدماغ بذلك.
وما يحدث حين نركز انتباهنا
هو أن قشرة الفص الجبهي، والتي هي نوعا ما الجزء التنفيذي من الدماغ،
ترسل إشارة
تجعل جزءا صغيرا من دماغنا أكثر مرونة،
وليّنا أكثر و أقدر على التعلم،
وتوقف أى نشاط
في سائر الدماغ.
إذاً فلدينا انتباه مركز للغاية، تحركه غاية ما.
أما إذا نظرنا إلى الأطفال الرضع وصغار السن،
فسنرى شيئا مختلفا جداً.
أعتقد أن الرضع وصغار السن
لديهم وعيٌ هو أقرب إلى ضوء مصباح
منه إلى ضوء كشاف مسلط.
إذاً فالأطفال الصغار غير بارعين إطلاقاً
في تضييق انتباههم إلى شىء واحد فقط.
ولكنهم بارعون للغاية في استيعاب كم كبير من المعلومات
من العديد من المصادر المختلفة في آن واحد.
و بالفعل لو أنك نظرت إلى أدمغتهم،
فستجدها مغمورة بتلك الناقلات العصبية
الفعالة للغاية في الحث على التعلم والمرونة،
والأجزاء الكابحة المثبطة لم تظهر بعد.
لذا حين نقول بأن الأطفال الصغار
لا يستطيعون تركيز اهتمامهم،
فما نعنيه حقا هو أنهم لا يستطيعون عدم تركيز اهتمامهم.
إذن فهم لايبرعون في التخلص
من كل تلك الأمور المثيرة التي قد تخبرهم شيئاً
والانتباه فقط إلى الأمر المهم.
وهذا هو نوع الانتباه، نوع الوعي،
الذي نتوقعه
من تلك الفراشات التي صُمّمت لتتعلم.
حسناً لو أردنا التفكير في طريقة
لاختبار شعور وعي الطفل ونحن بالغون،
أعتقد أن أفضل طريقة هي التفكير بالحالات
حيث وجدنا أنفسنا في موقف جديد لم نمر به من قبل --
كأن تقع في الحب مع شخص جديد،
أو تزور مدينة جديدة للمرة الأولى.
فما يحدث عندئذ أن وعينا لا يضيق،
بل يتسع،
فتبدو تلك الأيام الثلاثة في باريس
و كأنها ملأى بالانتباه و الخبرات
أكثر من كل تلك الشهور التي مرت بك
وأنت كالزومبي تمشي وتتحدث وتحضر الاجتماعات في الجامعة وتعود للبيت بطريقة آلية.
وعلى فكرة، إن تلك القهوة،
القهوة الرائعة التي كنتم تشربونها بالأسفل،
تحاكي في الحقيقة
تأثير تلك الناقلات العصبية لدى الصغار.
إذاً كيف هو شعور أن تكون طفلاً صغيراً؟
إنه أشبه بالوقوع في الحب
وأنت في باريس للمرة الأولى
بعد أن شربت ثلاث أقداح اسبريسو مركز.
(ضحك)
وهو أسلوب رائع للعيش،
لكنه فيما يبدو يؤدي بك للاستيقاظ باكيا في الثالثة صباحاً.
(ضحك)
من الجيد أيضا أن تكون راشداً.
لا أريد أن أفرط في الحديث عن روعة الأطفال الصغار.
من الجيد أن تكون راشداً.
فيمكننا ربط أحذيتنا وعبور الطريق معتمدين على أنفسنا.
وإنه من المنطقي أن نبذل جهداً كثيراً
لدفع الصغار ليفكروا كما يفكر البالغون.
لكن إذا كان ما نريده هو أن نكون كتلك الفراشات،
بعقلية متفتحة ورغبة في التعلم،
وخيال واسع و إبداع وابتكار،
ولو لجزء من الوقت على الأقل
فعلينا أن ندفع البالغين
ليفكروا بشكل أقرب كالأطفال.
(تصفيق)