Tip:
Highlight text to annotate it
X
ماذا تعلمنا حتى الآن من البرنامج؟
الكون كبير جدًا، ونشأ من لا شيء.
والآن الكثير من "لا شيء" يحيط بتكتلات صغيرة من شيء ما،
ويومًا ما سيعود الكون بأكمله إلى لا شيء تقريبًا.
قد يكون كوننا واحدًا من أكوان عديدة، مجرد ثقب صغير بين ثقوب عديدة
تشكل أكونًا متعددًا فيها ثقوب أخرى لا نراها، ولها ثوابت وأبعاد
وقوانين فيزيائية تبتعد عن الاستيعاب الذهني لأكثر العقول البشرية عبقرية.
لكن في فقاعتنا الكونية الصغيرة التي وكأنها تشكلت بالصدفة، القوانين الفيزيائية للكون
والتوزيع غير المتساوي للطاقة يرتبان نفسيهما بطريقة معينة
بحيث خلال ومضة كونية مدتها 8ر13 مليار عام في كون صغير السن نسبيًا، نشأنا نحن.
نحن! مع كل قتالنا وتكاثرنا واستهلاكنا للموارد، لقد تم تجميعنا
من رماد نجوم ميتة. تشكلنا على الأرض، رغم الفوضى لكوكب منصهر
أصيب بوابل من كل صخرة في النظام الشمسي القريب.
ونجونا وتطورنا بأصغر الاحتمالات. كان وجودنا يقف على كف عفريت فعليًا.
أعني، كدنا ننقرض بضعة مرات. بعض عقباتنا كانت مادية
وبعضها كانت من صنعنا. لكن لا تزال هناك تحولات كثيرة بانتظارنا الآن.
أعتقد أنه من وجهة نظرنا قد تكون بعض هذه التحولات جيدة،
وستكون بعضها سيئة بالتأكيد، مثل انقراضنا. لكن هذا يعتمد على وجهة نظرك.
أعني، لا توجد نتيجة جيدة أو سيئة تمامًا بنظر الكون.
فالكون أعمى، والكون لا يرى، إنه موجود فقط.
نسيت المقدمة. مرحبًا، أنا جون غرين. أهلاً بكم في البرنامج.
سنتحدث اليوم عن المستقبل العميق للحياة والكون وكل شيء.
سنتحدث اليوم عن المستقبل.
في الواقع، سنتحدث عن مستقبلات محتملة عديدة على جدول زمني.
أولاً، هناك المستقبل المتوقع. حيث الأمور تحدث بشكل طبيعي
وحيث تتصرف المتغيرات على الأرض والكون كما تقترح معرفتنا بها أنها ستتصرف.
أنا أتوقع أن الشمس ستشرق غدًا، وأنني سأفوت الفطور وأذهب إلى العمل.
ثانيًا، هناك المستقبل المحتمل، حيث توضح معرفتنا الحالية أكثر من مستقبل محتمل
قد تحدث رغم أن المتغيرات قد تتصرف بطريقة مختلفة
خلال الحدث الفعلي. مثلاً، قد يصدف أنني في صباح الغد
سأجد وقتًا لتناول الفطور، وسأكتشف أنه يمدني بالطاقة ويحسن من إنتاجي
وهو حقًا أهم وجبة في اليوم. هذا غير محتمل، لكنه قد يحدث
وفقًا لمعرفتنا الحالية لطبيعة سير الأمور. وفي هذه الحالة، طبيعة سير الأمور في مطبخي.
ثالثًا، المستقبل الممكن حيث لا يمكننا الاعتماد على معرفتنا الحالية
لكن علينا توقع أن الاكتشافات المستقبلية قد تغير طريقة تفكيرنا في كيفية سير الأحداث.
مثلاً، قد أجد حبة تمدني بكل السعرات الحرارية والمغذيات
التي أحتاجها لليوم، ولن أضطر للتفكير بأكل المزيد من الطعام مجددًا.
من ناحية الكون، إن اكتسبنا معرفة بماهية الطاقة المظلمة مثلاً وكيف تعمل،
فقد نغير المفهوم الحالي حول كيفية استمرارها بالتطور.
رابعًا، المستقبل المنافي للعقل لتوقعات غريبة. قبل 150 عامًا، كانت فكرة الطيران إلى القمر
ستبدو منافية للعقل، لكن أحد طرق اختبار حدود الأمور الممكنة
هو تجاوزها إلى غير الممكنة. أمور كثيرة تبدو مستحيلة ستكون ممكنة خلال الألف سنة المقبلة
أو 10 آلاف سنة أو 10 ملايين سنة أو حتى 100 تريليون سنة.
ماذا سيحدث خلال الألف سنة القادمة؟ ناقشنا في الأسبوع الماضي كيف أن القرن القادم
قد يكون صعبًا علينا. لكن لنفترض أن البشرية تجاوزت صعوبات القرن الـ21
وسيستمر تعقيدنا وتعلمنا الجمعي بالنمو.
ربما ستكون هناك ثورة كبيرة أخرى، كانفجار آخر للتعقيد،
كما رأينا عند بزوغ الزراعة أو بدء الصناعة. خلال الألف سنة المقبلة
قد نتقن دمج الهيدروجين، وهي العملية ذاتها التي تحدث في الشمس.
وهذا سيوفر لنا كمية كبيرة من الطاقة، وستحل معظم مشاكل الطاقة لدينا.
ثورة محتملة أخرى هي ما تعرف بـ"ما بعد الإنسانية"، وكأن أدمغتكم عبارة عن حواسيب.
لذا تخيلوا لو كان بإمكانكم تحميل وعيكم إلى شيء بلاستيكي أو معدني،
كحاسوب فعلي. مشكلة الدماغ البشري هو أنه يتعفن،
لذا، انسوا مسألة العيش لـ70 أو 80 سنة، تخيلوا أن تعيشوا لملايين السنين.
يقول البعض أن هاتين الثورتين قد تكونا ممكنة خلال فترة حياتنا،
أو على الأقل خلال فترة حياتكم، ويلاحقها العلماء بحماس حاليًا،
لكنهم وعدونا بأمور كثيرة في المستقبل على مر السنين. ما زلت لا أملك حقيبة نفاثة
وأجد أن الإنترنت اللاسلكي في الطائرات بطيء جدًا، وأنا لست متذمرًا بطبيعتي
لكن خوذة الواقع الافتراضي التي أملكها تجعلني أشعر بالغثيان.
لكن على مقياس زمني لألف عام، هذه الثورات وغيرها من الثورات التي لم نفكر فيها
قد تكون ممكنة تمامًا إن استمر التعقيد البشري بالازدياد.
هذا احتمال كبير، لكن لنتحدث عن احتمالات أكبر، ماذا سيحدث بعد 250 ألف عام؟
على ذلك المقياس الزمني، احتمالية ثوران بركان هائل
كالبركان الذي ثار في جبل توبا والذي قتل معظم البشر على الأرض، تصبح مرجحة جدًا.
وعندما يتعلق الأمر بالكويكبات التي تدعى "مدمرة المدن"، تسقط بمعدل مرة كل 100 سنة،
رغم أن معظمها يهبط في المحيط، وبعضها كبيرة كفاية للقضاء على معظم الكائنات على الأرض
كالذي تسبب بانقراض الديناصورات، قد يسقط كل بضع مئات ملايين السنين.
يمكن في هذه المرحلة أن نكون قد استعمرنا بعض الأقمار والكواكب في نظامنا الشمسي.
من الممكن أيضًا أننا سنكون نملك التكنولوجيا
لننجو في رحلات طويلة في الفضاء تمتد لقرونًا خارج نظامنا الشمسي.
خصوصًا إن حققنا ما بعد الإنسانية لأنها ستريحنا من إحضار أمور
كالماء والطعام، ولن يكون علينا أن نخشى
من الكمية الكبيرة من الإشعاعات الفضائية التي تقضي على البشر.
لدي سؤال يا ستان. كيف من الممكن ألا توجد فرقة تدعى "الإشعاع الفضائي" أو "ما بعد الإنسانية"؟
حسنًا، لنذهب إلى فترة أبعد ونتحدث عن بعد ملايين السنين.
إن لم ينقرض الإنسان العاقل من قبل كارثة خلال بضعة ملايين السنين القادمة،
فلن يكون نوعنا موجودًا على الأرجح بأي حال لأننا سنكون قد تطورنا لنصبح شيئاً آخرًا.
سبعة ملايين سنة هي تقريبًا الفترة منذ أن انفصل نوعنا
عن سلفنا المشترك مع الشمبانزي. وبينما نتشارك بنسبة 4ر98% من حمضنا النووي معها،
إلا أنه يمكن أن تحدث تغيرات تطورية كثيرة خلال بضع ملايين السنين.
هذا صحيح خصوصًا عندما تأخذون بعين الاعتبار أن القدرة البشرية للهندسة الوراثية
قد تكون تطورت بطرق مخيفة أو مذهلة أو كليهما، ما يزيد من وتيرة التغيير.
وعندما يتعلق الأمر بالخروج من النظام الشمسي، فبضعة ملايين السنين هي فترة طويلة في الحقيقة.
على افتراض أن البشرية لن تجد طريقة للسفر بسرعة أعلى من سرعة الضوء،
يتوقع الفيزيائيون أنه على مقياس زمني من خمسة إلى 50 مليون سنة
قد يمكننا استعمار كل نظام نجمي في مجرتنا.
بالمناسبة، هذا يظهر لكم دقة علم التوقعات، من خمسة ملايين سنة إلى 50 مليون سنة.
إنه مجرد فرق بمقدار 45 مليون سنة.
لكن فكروا بهذا الأمر الجنوني: إن لم نستطع السفر بسرعة أعلى من سرعة الضوء،
فلن نخرج من مجرة درب التبانة لأن المساحات الشاسعة بين الأنظمة النجمية
تعني أيضًا أن آلاف السنين الضوئية ستفصل بين السكان البشريين،
وعندما ينفصل نوع ما إلى بقاع مختلفة من الكون،
فهو يتوقف عن كونه النوع ذاته بسرعة. أعني، إن وضعتم سلاحف على جزر مختلفة
لبضعة آلاف السنين، فستحصلون على أنواع مختلفة منها.
لا أعتقد أننا سنتمسك بإنسانيتنا المشتركة على مسافة آلاف السنين الضوئية.
لذا تخيلوا مستقبلاً بعيدًا، حيث يتكاثر في كل نظام نجمي أحد أسلافنا، ثم بعد ملايين السنين
أقرباؤنا هؤلاء سيبدون مختلفين جدًا عن بعضهم.
لحظة، مختلفين كما يختلف الأمريكيون عن الكنديين أم مختلفين أكثر؟
يبدو أنهم سيكونون مختلفين أكثر.
كيف يمكن أن يبدو شخص مختلفًا أكثر مما أبدو أنا عن شخص كندي؟
أمر آخر أريدكم أن تفكروا فيه، وهو القدرة المتزايدة للبشرية على تسخير الطاقة.
من عاصفة الانفجار العظيم إلى تشكل أول النجوم
إلى حياة من جمع مستمر للطاقة إلى الزيادة الكبيرة في استخدام الطاقة في الثورة الصناعية.
المزيد من الطاقة يعني تعقيدًا أكثر، وهذا هو موضوعنا المتكرر في برنامجنا.
الحياة على الأرض أصبحت بارعة في جمع الطاقة الموجودة داخل الأرض
والتي تأتي إلى الأرض من الشمس، صحيح؟
لكن قد يأتي وقت حين تقوم البشرية أو شيء آخر مثلنا في الكون
بجمع كامل طاقة كوكب مختلف أو سلسلة من كواكب متعددة أو مجرة.
حينها يمكننا جمع قيم أسية كثيرة من الطاقة التي يمكننا جمعها الآن.
ونعرف أن هذا مرتبط بشكل وثيق بزيادة التعقيد.
لكن ربما قمت بالتخمين كثيرًا. مشكلة المستقبلية أنه كلما توقعنا لفترة أبعد
كلما أصبحت الأمور مؤكدة من جديد، وهذا بفضل روعة الفيزياء.
لذا، لننظر مجددًا إلى المستقبل المتوقع بناء على معرفتنا الحالية.
إذن، ماذا سيحدث خلال مليار عام؟
خلال مليار عام ستبدأ الشمس باستنفاد وقودها وستبدأ بالتضخم.
سيزداد لمعانها، ما يعني أن النباتات على الأرض ستواجه صعوبة متزايدة خلال الأعوام التالية
في تنفيذ معظم أشكال التركيب الضوئي، وبالتالي الحفاظ على الحياة المعقدة على الأرض.
وهذه هي بداية النهاية. ماذا سيحدث خلال ثلاثة إلى خمسة مليارات سنة؟
ستبدأ القصة في أن تصبح مأساوية أكثر الآن. سيزداد حجم الشمس أكثر وأكثر
حتى تغلي سطح الأرض وتجعله جافًا. وعندما تصل درجة حرارة السطح إلى أكثر من 100 درجة مئوية،
يمكننا التأكد حينها أن الحياة على الأرض انتهت.
لذا إن بقي بشر أو أشباه للبشر على الأرض، فعليهم أن يتركوا الكوكب الذي ترعرعوا فيه
وينتقلوا إلى كوكب جديد في مكان ما في المجرة.
لن نتمكن من العودة إلى كوكبنا بشكل نهائي.
ماذا عن بعد 200 مليار عام؟
بينما تستمر الطاقة المظلمة بالتسبب بتسارع تمدد الكون أكثر من سرعة الضوء،
لن نتمكن حينها من رؤية الضوء من مجرات أخرى.
وإن خسرنا علم الكون المبني على الانفجار العظيم
الذي تعلمناه في بداية هذه البرنامج، فمجرتنا ستكون كل ما نراه أو ندرك وجوده.
سنعود إلى فكرة أن الكون ليس له بداية وأنه ثابت وأبدي.
ستكون مجرة درب التبانة كوننا بأكمله، ولهذا يشير عدد من العلماء للعصر الحالي
حيث يمكننا رؤية أدلة على الانفجار العظيم ورؤية مجرات أخرى
على أنه العصر الذهبي لعلم الفلك. لكن عصر ذهبي يمتد مئات مليارات الأعوام ليس بعصر سيء.
ماذا سيحدث خلال 100 تريليون عام؟
آخر نجم صغير يحترق ببطء سيكون قد انطفأ، وستتوقف النجوم الجديدة عن التشكل.
لن تتشكل عناصر ثقيلة جديدة، ولن يتبقى سوى بقايا عناصر ثقيلة من نجوم ميتة منذ زمن بعيد،
مقبرة كونية حيث تهوم بقايا النجوم والكواكب الميتة في الظلام.
لكن دعونا لا نتوقف هناك، ماذا بعد تريليون تريليون تريليون عام؟
بدقة أكثر، 10 أس 40 سنة هذا رقم يلحقه 40 صفرًا.
هذه فترة من الوقت غير مفهومة أكثر من 100 تريليون عام، وستحدث أمور غير مفهومة أكثر حتى.
أكثر سيناريو محتمل هو هذا: ستصبح المادة ضعيفة وتضمحل إلى طاقة.
وبشرح بسيط، تذكروا أن المادة هي عبارة عن شكل مجمد أكثر من الطاقة.
في النهاية، سيكون الكون كرة فارغة من الإشعاعات الكونية الضعيفة
والطاقة القليلة المتبقية منتشرة على مساحة شاسعة جدًا.
وهذا بالنسبة إلينا هو نهاية التعقيد كما نعرفه.
ثم بعد تريليون، تريليون، تريليون، تريليون، تريليون، تريليون، تريليون، تريليون عام
أو 10 أس 100. حتى الثقوب السوداء ستكون قد تبخرت وقصة الكون العظيمة
ستكون في نهايتها.
بعد كل هذه التحولات إلى عدد كبير من التنوعات وشبكات من التعقيد الدقيقة،
سينتهي كل شيء. كل ما سيبقى هو كون قديم ومتعب جدًا. إنه الشبح الكوني للموت الحراري.
بالنسبة إلي، إحدى أكثر الأفكار المريحة بشأن الوجود بأكمله تأتي من العلوم.
فكرة أول قانون للديناميكا الحرارية، وهو أن المادة والطاقة لا تُخلقان ولا تُدمران.
إن وحدات البناء التي تشكل أجسامنا موجودة منذ بداية الكون،
نحن غيرنا شكلها فقط، وبعد موتنا ستعود أجسامنا إلى الكون الجامد
الذي أتت منه. وبهذا المفهوم، كل الحياة مترابطة وكل الحياة أبدية نوعًا ما أيضًا.
بالطبع، ما زال هناك الخوف من فقدان وعيكم المميز بناء على نظرتكم للعالم.
مثلاً، لن أعود جون غرين. ومن وجهة نظري، هذا ليس مثاليًا،
لكننا مبرمجون ليكون لدينا هذا الخوف. إن لم نخف من الموت
فلن نكون نوعًا جيدًا. كنا لننقرض منذ زمن بعيد
ولا أحد منا كان ليكون موجودًا. لا أعتقد أن هذا سيئ أو جيد، فهو يبقي نوعنا مستمرًا،
والكون متحرر من أي أوامر أو التزامات أو برمجة، إنه حر تمامًا.
وما يغفل عنه معظمنا أننا لسنا مراقبين للكون فقط،
بل نحن الكون. لسنا موجودون خارج الكون، نحن جزء لا يتجزأ منه،
نحن مكوّنون من المادة ذاتها، وفي كل تحولاتنا عبر مليارات الأعوام
من مادة نجمية إلى كائنات وحيدة الخلية إلى طلاب، لدرجة أو لأخرى،
تشاركنا في كل مرحلة بحرية التحول تلك لنتدفق بشكل لانهائي من شكل إلى آخر.
وربما لن ننجو كأفراد أو كنوع حتى، لكننا سنستمر في الوجود إلى المستقبل البعيد.
نحن جزء صغير من الكون، لكننا جزء منه.
ومن بداية بسيطة جدًا وبطرق جميلة ومذهلة جدًا
فنحن، أي الكون، كنا ولا زلنا نتطور. تلك القدرة أو الحاجة للتغير هو حقكم الطبيعي
حصلتم عليه منذ ولادتكم الأصلية قبل 13،8 مليار عام، ولا يمكن أن يسلب منكم أبدًا،
لا يمكن أن يدمر أبدًا.
شكرًا لمشاهدة البرنامج. وكما نقول في بلدتي:
لا تنسوا أن تكونوا مذهلين.