Tip:
Highlight text to annotate it
X
الحرف البلغارية
الأطفال يكتسبون الثقة بأنفسهم بتطوير مهاراتهم،
والشعوب يكتسبونها بتطوير حرفهم.
لقد شهدت الحرف البلغارية أوج ازدهارها
في عصر النهضة البلغارية،
الذي تطور خلاله الذوق الجمالي باتجاه الأناقة والوظيفية.
كان التدريب على حرفة ما يبدأ في سن مبكرة،
وكانت المهارات تتوارث ابناً عن أب وابنة عن أم.
لكن اكتساب المهارة الحقيقية
كان يتحتم على الحرفي إثباته أمام رابطة الحرفيين المعلمين.
فقد كان لا بد من نيل اعتراف هؤلاء لمن أراد أن يفتح دكاناً
ويبدأ في خلق أعمال حرفية لأغراض فنية أو للاستخدام اليومي.
حرفة صناعة الخزفيات بدأت تتطور في الأراضي البلغارية
منذ عهد التراقيين والرومان.
القدور والأباريق والسلطانيات والجرار والأطباق
هي عجائب حقيقية من الصلصال.
فأشكالها بسيطة وفي الآن ذاته كاملة الجمال،
إذ تم أخذها من الطبيعة نفسها.
هذه الحرفة العتيقة تم تحويلها إلى فن تشكيلي
تمتزج فيه أساليب وعصور عديدة.
الزخاريف ثلاثة أنواع: فهي إما منقوشة على سطح الإناء
أو مرسومة بالألوان
أو مصنوعة من الصلصال وملصقة بالإناء.
وصناعة الخزفيات لا تتميز فقط بجوها الخاص بل وتروي القصص.
مثلا قصة الأكلة الساخنة في الطبق الطيني،
أو قصة الإبريق الأنيق المليء بالماء
أو قصة الفتاة التي تذهب إلى عين الماء بباقة زهور صغيرة في شعرها.
وإذا كانت صناعة الخزفيات مجرد فن،
فإن الحفر على الخشب يتعدى ذلك إلى كونه شغفاً بالنسبة للبلغار.
ومما يدل على ذلك حالة بيت داسكالوف في تريافنا.
ففي أوائل القرن التاسع عشر قرر التاجر الغني خريستو داسكالوف
بأن بيته ليس مستكملاً
لأنه غير مزين من الداخل.
فاستدعى اثنين من أبرز النقاشين في تريافنا -
ديميتر أوشانيتسا وإيفان بوتشوكوفيتسا.
فراهن كل منهما على أنه سوف يفوق الآخر
في مهارة نقشه لسقف خشبي.
هكذا وخلال مدة دامت نصف سنة صنع الحرفيان "شمسين"
يظلان نموذجاً لا يضاهى لهذا الفن إلى اليوم.
حرفة بلغارية تقليدية أخرى هي حرفة النسج.
كما شهدت تطوراً كبيراً في عصر النهضة البلغارية صناعة القياطين.
القيطان عبارة عن ضفيرة من الخيوط
كانت تستخدم لتزيين الملابس المصنوعة من الأقمشة الصوفية الغليظة.
أول الأمر تم تطوير هذه الحرفة في ظروف منزلية على أيدي غازلات
لكن بظهور آلة حياكة القياطين
صار إنتاجها آلياً.
المرأة البلغارية مشهورة أساساً بمهارتها في النسج.
ظلت هذه الحرفة تزدهر إلى خمسينيات القرن الماضي،
لكن مبلغ الحرفيات القديمات من المهارة ما زال لافتاً إلى اليوم.
بسط وسجاجيد على اختلاف أنواعها، ملونة بألوان بهيجة
وفي تراكيب وتآليف مذهلة تعجب حتى العيون الشبعى بالجمال.
حيث يتأتى التأثير الجمالي للنسيج
من الجمع بين نوع المادة وطريقة تصنيعها
وتركيب الألوان، والتصميم، وتقنية الأداء.
مبلغ الخيوط من الالتواء والسماكة والوثارة، الأصباغ الطبيعية -
هذه هي أبجدية حرفة النسج.
أما الباقي فهو موهبة فظرية وتفنن.
البلغار يحبون استقبال ضيوفهم
وإدهاشهم بمهارتهم وقوة مخيلتهم .
بسط تشيبروفو وساموكوف وكوتل تشكل علامات تجارية
تتميز كل واحدة بأسلوبها الخاص.
إنها تصنع عادة من صوف الغنم وتنسج على منول عمودي،
ثم تلون بألوان طبيعية زاهية
وتزين بزخارف متنوعة.
أشكال هندسية مرتبة ترتيبا طوليا أو شطرنجيا،
أو أشكال تجريدية لزهور ونباتات،
أو طيور وحيوانات -
كلها تكون تصاميم متقنة تم الاعتراف بقيمتها الفنية منذ زمان.
رغم صغر مساحة الأراضي البلغارية
فقد نمت فيها أنواع كثيرة من الحرف -
صناعة السكاكين، صناعة الأجراس، صناعة النحاسيات
وغيرها الكثير من الحرف المشهورة أو شبه المجهولة.
في بلغاريا يوجد عدد من المراكز الحرفية العاملة -
الشارع التجاري "ساموفودسكا" في مدينة فيليكو تارنوفو،
المجمع الإثنوغرافي "إيتارا" بالقرب من مدينة غابروفو
المجمع الإثنوغرافي في دوبريتش وغيرها.
كل الحرف البلغارية هي تعبير عن الروح الشعبية
وعن السعي إلى الجمال وإستكمال الذات
الذي هو من فطرة الشعب البلغاري.
والحرف، بالإضافة إلى كونها ذكرى لطيفة من الأزمنة الغابرة
التي كانت فيها الحرف جزءاً من الحياة اليومية،
فإنها تشكل اليوم أيضاً جزءاً من "الصناعة السياحية" -
وذكرى عزيزة من كل رحلة في حدود بلغاريا.