Tip:
Highlight text to annotate it
X
في سماء ليلنا، يُمكنك رؤية الفضاء؛
كبيراً وغامضاً وبصراحة مخيفاً بعض الشيء
أحياناً أحدّق في الفضاء وأطرح هذه الأسئلة الهامة
مثلاً، كيف تعمل النجوم؟
كيف بدأ كل هذا؟
وماذا تفعل (مادونا) في الفضاء؟
،لتحصلوا على إجابات، ابقوا معي
"بينما نكشف "أشياء تحتاج أن تعرفها عن الكون (( أشياء تحتاج أن تعرفها مع جيمس ماي)) ((الحلقة الثانية: الكون))
،حسناً، دعونا نستهل المشوار
والإنطلاقة من مكان جيد للبدء كغيره من الأماكن
إذاً، كيف بدأ الكون؟
جميعكم يعلم أنّ الكون بدأ بإنفجار؛
إنفجارٌ هائلٌ جداً "أطلقوا عليه "الإنفجار العظيم
وقع في كافة أنحاء الكون في اللحظة ذاتها
وقد كان صافرة بداية لكل شيء نعرفه؛
الفضاء والمادة وحتى الزمن نفسه
الإنفجار العظيم هو أهمّ حدثٍ وقع عبر التاريخ
،في الحقيقة، من دونه لما كان هناك أيّ تاريخ
مع ذلك، ألمع الأدمغة العلمية ،لا تعرف حقاً سبب حدوثه
لكنه وقع فحسب
وهم يعرفون أنه حدث لإن هناك أدلّة مترامية في الفضاء
،في عام 1929 (اكتشف الفلكي (إدوين هابل
أنّ المجرات السحيقة تتحرك مبتعدةً عنا
وأنّ الأبعد تتحرك بسرعة أكبر من تلك الأقرب
فمنطقياً، جميع هذه المجرات إنحدرت من نقطة مركزية واحدة ضئيلة؛
الإنفجار العظيم
وقد توصل اثنان من العلماء الشباب ،إلى دليل مُعزز في الستينيات
حينما بدا وأنّ مقرابهم ،اللاسلكي معطّل
بسبب هسهسة مزعجة متواصلة
تفحصوا المقراب وألصقوا التهمة
على بعض الحمامات المحلية وفضلاتها
،كنسوا الصحن وطردوا الطيور لكن الهسهسة لم تنقطع
كانت حقيقة هذه الهسهسة هي موجة إشعاع الخلفية الكونية
أو اختصاراً (سي أم بي)، وهي الحرارة والضوء اللذان خلفهم الإنفجار العظيم
لقد سافرت مسافة 435000 مليار مليار كيلومتر لتصلنا
وبردت ببطء عبر رحلتها الطويلة
حقيقةً، جميعنا رأينا الإنفجار العظيم
حوالي 1% من التشويش في تلفازك الغير مضبوط هو إشعاع (سي أم بي) هذا
وقد استخدم العلماء هذا التشويش ،لحساب عمر الكون
والذي قُدر بـ 13.7 مليار سنة
،ذلك زمنٌ سحيقٌ جداً
فلعلنا لن نعرف أبداً ما الذي سبّب الإنفجار العظيم
لكننا نعرف أنّ الكون بوضوح وُلد من العدم
،لكنه الآن صار كل شيء ،لذا إن كان وُلد من العدم
مما يتكون الكون؟
ربما ستُصاب بالدهشة لتعلم أننا حقاً لا ندري
مقدار المادة والطاقة كلها التي نستطيع أن نراها لا تُشكل
%سوى حوالي 5 من إجمالي كتلة الكون
%ومقدارٌ هائل نسبته 97 من هذه الأشياء المرئية
يتكون من عنصرين فحسب؛ الهيدروجين والهيليوم
فكل الأشياء الأثقل على كوكب الأرض هنا
مثل الكربون والأكسجين والماء والسعادين والطائرات النفاثة والمهرجين
هي نادرة الوجود في واقع الأمر
وبالنسبة للـ 95% المتبقية ،الغير مرئية
كما هو متوقع، تظلّ عامضة
يعتقد العلماء أنّ ربع هذه الأشياء " المفقودة تتضمن "المادة المظلمة
،نظرياً تُقسم إلى نوعين نظريين
،جُسيمات ثقيلة ضعيفة التفاعل "أو اختصاراً "ويمبس
،وأجسام الهالة المدمجة الثقيلة ،أو "ماشيوز" بالنسبة لعقولنا البسيطة
ويمبس" هي جُسيمات ضيئلة" "لما يُدعى بـ "المادة الغريبة
وبلفظ "غريبة" يقصد العلماء أنها تختلف عن الجسيمات العادية
لا يعني أنها ترقص لكسب قوت يومها
،لكن حتى الآن ثبت صعوبة كشف حقيقتهم
"قد يكون هناك "ويمبس تعبر من خلالك الآن
وأنت فقط تعجز عن رؤيتها والإحساس بها
"وأنت تعجز عن رؤية الـ "ماشيوز فهي لا تعكس الضوء ولا تُشعه
وقد تكون أي شيء من الأقزام البُنّية إلى الثقوب السوداء
ولو أن وجودها نظريٌ فحسب يظن العلماء أنّ "المادة المظلمة" هامة
فعلى ما يبدو أنها تُوثق المجرات معاً
،لولاها لطارت كلّ مجرة في دربها
،ما يبدو مسلياً لمشاهدته لكنه لا يعود علينا بالخير
"لكن حتى بإحتساب "المادة المظلمة
%يترك ذلك قرابة 70 من الكون مفقود بوضوح
أطلق العلماء "على ما تبقى بـ "الطاقة المظلمة
وهي حتّى أكثر تحييراً
اكتشف العلماء في سنة 1998
أنّ معدل تمدد الكون في تصاعد
،كأن هناك شيءٌ يُخضع الجاذبية
والذي اعتقد العلماء أنه في النهاية سيثبط تمدد الكون
"يعتقدون الآن أنّ السبب هو "الطاقة المظلمة
لذا إن اضطر أنبغ مفكّرونا التقدم لفحصٍ
،يسأل مما يتكون الكون
لعلهم سيختاروا "إجابة "لا أعرف
،لكنه قطعاً يتكون من شيءٍ ما
وإن تمعّنا في سماء الليل، ما نستطيع رؤيته حقاً هي النجوم، المليارات منها
كثيرةٌ جداً لدرجة أنها تُسبب لك صداعاً
إذاً، كيف تعمل النجوم؟
يوجد مئات المليارات من النجوم في مجرّتنا وحدها
وهي تبرز بألوان وأحجام وسطوعاتٍ مختلفة ومُبهرة
،جميع النجوم، بما فيهم شمنا تعمل بذات الطريقة تقريباً
،إنها تستغل قوة التفاعلات النووية
،على وجه الخصوص عملية ندعوها بالإندماج
،البشر أيضاً استغلوا القوة النووية
لكن هذا انشطار وليس اندماج
الإنشطار النووي هو انشطار الذرات ،لتحرير مقدار هائلٍ من الطاقة
كالذي تحويه القنبلة النووية الأصلية
لكن أثناء الإندماج، يحدث العكس
،في صميم لُب النجم
تتصادم ذرات الهيدروجين وتندمج معاً مكونةً الهيليوم
ذرات الهيليوم الجديدة البرّاقة هذه تمتلك كتلة أخف بقليل
من كتلة ذرات الهيدروجين التي كوّنتها
وفقدان الكتلة هذا يُحرر على شكل إشعاع غاما
يُوضَّح ذلك من خلال معادلة E=mc^2 آينشتاين) الشهيرة؛)
والتي تنص بأنّ الكتلة والطاقة هما بفعالية وجهان لعملةٍ واحدة
،في الواقع، إن استطعت قياسها بدقة كافية
فإنّ كوباً من الشاي الساخن ،سيزِن أكثر من كوبٍ مشابهٍ بارد
ذلك لإنه يشتمل طاقةً أكثر
،دعوني أحاول تخيّل الأمر
في كل ثانية تتصادم 600 مليون طن من ذرات الهيدروجين في باطن الشمس
وينتج عن ذلك ذرات هيليوم جديدة
والذي بدوره يُحرر أربعة ملايين طناً من الطاقة
،أو بعبارةٍ أخرى بينما أتحدث إليكم
فقدت الشمس كتلةً تُعادل كتلة 500 حاملة طائرات
أيمكنني الحصول على كوب شايٍ آخر من فضلك؟
الإندماج هو القلب النابض لكافة النجوم في الكون
وهو في صالحنا نحن هنا في الأسفل على كوكب الأرض
حيث يُوفر لنا الضوء المرئي الذي نُعوّل عليه
! عيناي اللعينتان
في الواقع، يستغرق ضوء ،الشمس مجرد 8 دقائق ليصلنا
لكنه قد يستغرق مليون سنة
نظراً لإنه يحتاج زمناً طويلاً ليرحل عن باطن الشمس الكثيف
يدعوك ذلك التفكير في أخذ حمامٍ شمسي تحت ضوءٍ جديد بالكامل
،بأية حال النجوم في الواقع مثلي ومثلك
بصرف النظر عن كونهم كرات ملتهبة عظيمة من النار
،لكن مثلي ومثلك ،إنهم يُولدون ويعيشون ومن ثم يموتون
وغالباً يُصاحب ذلك نتائج مثيرة
ما الذي يحدث إذاً عندما يموت نجم؟
،بينما تتقدم الشمس في العمر ستُصبح أصغر وأسطع وأسخن
في ظرف ثلاث مليارات سنة %ستكون أسطع بنسبة 40
وساخنة جداً حتى أنها ستبخر محيطاتنا
وبعد ملياريّ سنة أخرى سينهار لُبها
"وستتمدد لتُشكل "عملاق أحمر
ستكون ضخمة جداً لدرجة أنها ستبتلع كوكب الأرض
عندما تموت هذه الشمس العملاقة الحمراء في النهاية
ستتخلص من معظم كتلتها على شكل سديم من الغاز والغبار
وكل ما سيتبقى منها "هو لبٌ كثيف، يُدعى "قزم أبيض
والذي سيبرد ببطء عبر مليارات السنين
،على أية حال لا تتصرف جميع النجوم كالشمس
"نجومٌ أخرى تُدعى "أقزام حمراء ،تستخدم وقودها بإقتصاد شديد
ولعلها تدوم لبليون سنة أو نيف
،وعند الطرف الآخر من الطيف النجوم الأضخم
،التي تفوق حجم الشمس بمئات المرات تحرق وقودها بسرعة كبيرة
فيعيشون سريعاً ويموتون شباباً
إنها تلك النجوم الأضخم ما ينجم عنها نتائج غريبة عند موتها
،إنهم حرفياً يُواعدون إنفجاراً فينفجرون إلى "مُستعر أعظم" عنيف
في حدث يُعد من بين أكثر أحداث الكون إثارةً
،لعل إنفجارات المستعر الأعظم مثيرة
لكنها قد تُشكل خطراً كبيراً علينا نحن البشر
إن وقع أحد الإنفجارات ،على مسافة 25 سنة ضوئية من الأرض
فإنه سيقتل جميع أشكال الحياة على الكوكب
ستتدمر طبقة الأوزون
وتُحممنا في غمسات قاتلة من الإشعاعات
ربما الأفضل عدم مبارحة المنازل إن حدث ذلك
انفجارات هذه المستعرات العظمى قد تُفرز نتيجتين
أولاً، قد تنهار المادة المُخلّفة لتشكّل "نجماً نيتروني" فائق الكثافة
يُعادل حجم النجم النيتروني حجم مدينة كـ (لندن) تقريباً
لكنه قد يزن ضعفيّ وزن شمسنا
،لكن عندما تنفجر أضحم النجوم ينضغط ما تبقى من اللب النيتروني
في ظرف جزءٍ من الثانية إلى وحدة واحدة
،هذا صِغر مُطلق حتى أصغر من الذرة
،وثقالته شديدة القوة
لا شيء يستطيع الفرار منه، ولا حتى الضوء
"هذا "ثقبٌ أسود نجمي
إنها القوى الأغرب والأكثر تدميراً في الطبيعة؛
أيّ شيءٍ شارد بجوار الثقب الأسود سيُمتص ويُدمر
،يظهر وأنّ الكون مكاناً عنيف
فماذا عن انفجار النجوم البريئة
والتهامها من قبل ثقوبٍ سوداء أفاّكة
لكن إن كانت النجوم ،تتدمر بصورة متواصلة
فقطعاً أنها في خطر بأن تكون نوعاً مهدداً بالإنقراض
إذاً، لماذا النجوم ليست منقرضة؟
عبر أطراف الكون، النجوم تموت بإستمرار، لذلك قد تظن
أن سماء الليل قد تأفل ببطيء بينما تنطفأ مصابيحها
الأمر لا يحدث، لكن ما السبب؟
حسناً، الإجابة هي الصناعة التدويرية
جميع الكتلة والطاقة الحاضرة اليوم
تكوّنت خلال الإنفجار العظيم
،وقُضي الأمر لن تنقص ولن تزداد
لذلك، يحتاج الكون إلى مخططٍ تدويري فعال
والمخطط يعتمد على الذرة المتواضعة
تتكون الذرات من أنوية مركزية متناهية الصغر
تُحيطها سحابة من الإلكترونات المدارية
على فرض أنّ الذرة ،بحجم ملعب كرة قدم
ستكون النواة أصغر من نصلة عشبٍ واحدة
الغالبية العظمة من النواة ،هي مجرد فضاء فارغ
ما يعني أن معظم كل الأشياء هو في الواقع فضاء فارغ
الذرات أيضاً متينة بصورة ملفتة
لا يعلم أحد كم ،يمكن أن تدوم ذرة واحدة
لكنها قد تدوم فترة تمتد مئة مليار بليون بليون سنة
زمنٌ طويلٌ جداً في الواقع حتى أنه تقريباً يُعاد استخدامها عددٌ لا نهائي من المرات
،عندما يموت نجم تُرمى معظم كتلته إلى الفضاء
هنا حيث يمكن لعملية التدوير البدء
،مع مرور الوقت ،تتكثف ذرات النجم الميت وتتراص
إلى أن تُصبح شديدة السخونة فتشتعل مكونةً نجماً جديداً
يسعك تسمية ذلك التناسخ النجمي
يُعتقد أن شمسنا ،نجمٌ من الجيل الثالث
فكل ذرة على كوكب الأرض هنا مرّت خلال
حياة نجمين ماتا منذ أمدٍ طويل
،ليس ذلك فحسب طالما أنّ الذرات
يُعاد تدويرها بإستمرار ،على كوكب الأرض هنا
ملايين الذرات فيك (كانت تعود يوماً إلى (شكسبير
(و (جنكيز خان) و (يوليوس قيصر
من الغريب أن نفكر بأنّ كل الذرات في أجسامنا كانت يوماً
جزءاً من نجومٍ غابرة أو كواكب أو حتى غرباء من الفضاء
نحن حقاً مجرد سلسلة من توريثٍ كوني
لكن كيف انتهى مطاف بعض ذرات النجوم الغابرة
لتكون جزءاً منك ومني أو حتى جزءاً من نبتة "إبرة الراعي"؟
كيف تشكلت المجموعة الشمسية بالضبط؟
بدأت مجموعتنا الشمسية حياتها كسحابة ضخمة من الغازات والغبار
تُسمى بالسديم الشمسي
،قبل حوالي 4.6 مليار سنة
بدأت السحابة العملاقة في التكتّل تحت فعل قوة الجاذبية
كما أنها بدأت تغزل نفسها على شكل قرصٍ مفلطح
،عند مركز السديم الغازل
ما نسبته 99% من كتلته "انضغط إلى "شمس ناشئة
،كان هذا نجمٌ وليد ليس جاهزاً ليشتعل
جميع المادة المتبقية داخل السحابة الضخمة حول الشمس الجديدة الناشئة
ببطءٍ جعلت من نفسها حلقات
هذه الحلقات ستغدو في النهاية الكواكب التي نعرفها الآن
،قريباً من الشمس الناشئة بسبب درجات الحرارة المرتفعة
فإن المواد الصخرية والمعادن فقط هي ما بقي على حاله
لذلك فإنّ الكواكب الأقرب للشمس؛
،عطارد والزهرة والأرض والمريخ
تتكون معظم كتلها من العناصر الأثقل كالحديد
،لكن في الأنحاء الأبعد والأبرد كتل الصخور والجليد الكبيرة استطاعت
أن تحجز حولها سحباً ممتدة من الغازات
هذه الكتل ستتحول إلى العمالقة الغازية؛ المشتري وزحل وأورانوس ونبتون
،في النهاية باتت الشمس الناشئة كثيفة بما يكفي
لتبدأ في الإندماج في لُبها -اقرعوا الطبول من فضلكم-
أخيراً صارت شمسنا نجماً مكتمل النمو
،لكن بالنسبة للأرض القصة كانت في بدايتها فحسب
عندما كان عُمر كوكبنا ،لا يتعدى مجرد 100 مليون سنة
ارتطم جسمٌ غريب بحجم المريخ في كوكبنا
فألقى كميات كبيرة من الصخور إلى الفضاء
لملمت هذه الصخور الضالة شتاتها وشكّلت القمر
ذلك التصادم الضخم الذي شكّل القمر
أزاح كوكب الأرض عن محوره بواقع 23.5 درجة
،الأمر الذي عاد علينا بالنفع فتلك الإزاحة تسببت بتقلب الفصول
في شبابها، يُعتقد أن الأرض كانت بركانية وغير مضيافة
لكن مع مرور الزمن، انتهت بها الأمور مغطاةً بمحيط واسع من الماء
ربما حُمل إلى هنا بوساطة المذنبات والكوكيبات الجليدية
،أياً كانت الوسيلة التي جاء بها كان هو المسؤول عن ازدهار الحياة
جميعنا نعلم موقعنا داخل المجموعة الشمسية
الصخرة الثالثة من الشمس
أحد الكواكب الثمانية التي تحوم حول أقرب النجوم إلينا
لكن إن وُجد ،أحدٌ ما أو شيءٌ ما في الخارج هناك
فأنيّ لهم أن يهتدوا لنا؟
أين نحن؟
إن كان هناك ،نوعاً من الأنظمة البريدية البيمجرية
فحينها قد يظهر عنواننا بصورةٍ مماثلة
كوكب الأرض، المجموعة الشمسية، السحابة البينجمية المحلية
درب التبانة، مجموعة المجرات المحلية العنقود المجري، الكون
،في معظم أوقات تاريخنا
وضعنا كوكبنا مباشرةً في مركز الكون
لكن مذ أن أدرك (الفلكي (نيكولاس كوبرنيكوس
،أنّ الأرض تدور حقاً حول الشمس
جاء كل اكتشاف جديد ليُشدد على حقيقة أننا لسنا مميزين ولو بأي شكل
حقيقةً، يبدو وكأننا نوعاً ما نعيش في طريقٍ مسدودٍ ثانوي
مقارنةً بالمخطط الأعظم للأشياء كلها
نحن مجرد نقطة حقيرة داخل رحابة الفضاء
لكن لا تجعلوا القنوط ينالكم؛
فتلك الفرضية في الحقيقة ،هي حجر أساس علم الفلك الحديث
والذي يُطلق عليه أحياناً بمبدأ علم الكون
:نص مبدأ علم الكون هو
،عندما يُشاهَد الكون بمقياسٍ ضخمٍ بما يكفي
،فإنه حقيقةً يظهر متشابهاً
في جميع أنحاءه وفي كل الإتجاهات
إذاً متى ما نظرنا إلى الفضاء ،وتمعّنا النجوم الأخرى والمجرات
،قد تبدو لنا محض صدفة وفوضوية
لكنها في الحقيقة قد سُوّيت بصورة متسقة جداً
،فإن أرسلنا بطاقة عملٍ مجرية
فهناك فرصة عالية ،أن يعجز الغرباء عن إيجادنا
،حتى مع وجود إحداثيات وذلك نظراً لمبدأ علم الكون
والإنحراف المفاجىء في حجم الكون
نحن البشر مهووسون بفكرة احتمال وجود حياةٍ أخرى في الكون
من الكتب إلى الأفلام إلى الأشخاص الذين ادعوا أنهم قد اُختطفوا
كلٌ منّا يحمل إدراكه الخاص لما قد يتواجد أيضاً هناك
لكن أيوجد أيَ حقيقة وراء أيٍ من هذا الخيال؟
أو، هل نحن بمفردنا؟
إن كان هناك حياة بالخارج فإن العلماء يعتقدون
"أنها قد تتواجد في نطاق "المنطقة المعتدلة
لا علاقة للمسألة ،بالدببة وحساء الشعير
،لكن وصف كوكب له علاقة وطيدة
بُعدٌ مثالي عن النجم
ودفءٌ كافٍ لتواجد الماء على سطحه
،في مجموعتنا الشمسية الأرض فقط هي من أوفت الشروط
جيراننا الأقرب؛ عطارد والزهرة إما قريبين جداً
أو بعيدين جداً من الشمس
بصرف النظر، لا يعني هذا أنه لا يُمكن تواجد حياة في مكانٍ ما في مجموعتنا
الأمر وما فيه أنها ربما تكون مجرد بكتيريا بسيطة
ويُستبعد أن تُوفر حواراً هادفاً
لا يسعني القول ! أنّي أثق كثيراً في رأيك
يوجد بكتيريا هنا على الأرض تستطيع العيش في بيئاتٍ مسمومة
ما يطرح فكرة احتمالية تطور مخلوقاتٍ في عوالم أخرى
بوسائل بالكاد نستطيع تخيلها
وعوضاً من أن تكون حيواتٍ ،تستند على الكربون كما على الأرض
قد تتطور الحياة في بقية الأنحاء مستعينةً بعناصر أخرى كالسيلكون
مخلوقاتٍ كهذه تستطيع ،تحمل درجات حرارةٍ أعلى مما نتحمل
فالكواكب الساخنة بالنسبة للبشر يسعها دعم الحياة
في الواقع، مطاردة الحياة
خارج مجموعتنا الشمسية بلغ ذروته بالفعل
(حددت (مهمة كيبلر) التابعة لـ (ناسا حوالي 1000 كوكبٍ محتمل
،تستحق التمحيص أكثر، ومن بينها
ثبت أنّ 15 كوكباً "تقع في نطاق "المنطقة المتعادلة
،في فترة الستينيات طوّر عالمٌ يُدعى (فرانك دريك) معادلة
صُممت لحساب عدد الحضارات الأخرى
في مجرتنا؛ مجرة درب التبانة
تتضمن هذه المُعامِلات ،معدل تشكل النجوم الحديثة في المجرة
نسبة تلك النجوم التي يتبعها كواكب
،نسبة هذه الكواكب المأهولة
والفترة الزمنية التي قد تمتدها أي حضارة
،في الساعة الراهنة لا يسعنا سوى بناء الفرضيات
،حول معظم هذه الأرقام
لكن التقديرات التحفظية تُشير إلى إمكانية وجود
تسعمائة حضارة متقدمة ،في مجرة درب التبانة في أوقت معين
ومجرتنا مجرد واحدة من مليارات
فهناك إذاً فرصة جيدة بأننا لسنا بمفردنا
،لسوء الحظ المسافات المعنية شاسعة جداً
فربما لن نتواصل أبداً مع أحدهم هناك في الخارج
مع ذلك، لا يعني ذلك أنّ أقرب جيراننا
،لم يكتشفوا وجودنا سلفاً أو أقله ذوقنا في موسيقى البوب
إذاً، ما الذي تفعله (مادونا) في الفضاء؟
أقصى ما غامر إليه أي إنسان ،من كوكب الأرض هو قمرنا
وهي مسافة وفق معايير الفضاء بالكاد تتعدى عتبة منازلنا
! انظروا إليّ، إنيّ أطير
كلا، تمهل، لعلك لا تطير
إلاّ أنّ البشرية في واقع الأمر ،سافرت أبعد من ذلك بكثير
بعيداً إلى ما وراء أقاصي مجموعتنا الشمسية
(مادونا) و(هتلر) و (دالاي لاما)
،جميعهم هناك في الفضاء السحيق
والفضل يعود لقوة الموجات الراديوية
،منذ مطلع القرن العشرين ،تسلل بثّنا إلى الفضاء
تقريباً كموجةٍ ثلاثية الأبعاد تترقرق فوق بركة
جميع الموجات الكهرومعناطيسية بما فيها الموجات الراديوية
تُسافر بالسرعة ذاتها؛
،بعضها بسرعة 300 مليون متر/ثانية وهي ما نُطلق عليه بسرعة الضوء
لذلك فإنّ إشارات التلفاز والمذياع المُرسلة منذ 50 سنة خلت
رحلت مسافة خمسين ،سنة ضوئية داخل الفضاء حتى اللحظة
إنه متسعٌ من الوقت يكفي لبلوغ مئات جيراننا من النجوم
فإن كان يُوجد حضارات أجنبية ،هناك في الخارج تتسمع علينا
فأول شيءٍ قد يعرفونه عن الحياة على كوكب الأرض
(هو خطابٌ لـ (مارتن لوثر كينغ (أو حلقة من سلسلة (إيست إيندرز
أو حتى ما أقوله الآن
لكننا لسنا نحن فقط من يبث أمواجاً راديوية
إنها تُشَّع أيضاً من قبل المجرات وحتى الثقوب السوداء
والتي ربما تكون مُحيرة قليلاً
في عام 1967، طالب فلكٍ (شاب من جامعة (كامبردج
قد لاحظ إشارة راديوية غريبة آتية من الفضاء
والتي تنبض عند كل 1.337 ثانية بالضبط
،كانت دقيقة ومنتظمة جداً بدا وأنها ليست طبيعية
لذلك، لُقب الجسم (المُشع للإشارة بـ (أل جي أم-1
وهي اختصارٌ لـ الرجال الصغار الخُضر
،إلا أنه لم يكن أجنبيٌ ودود ،إنما إحدى النوابض
إحدى أغرب الظواهر الطبيعية في الكون
النوابض نجومٌ نيوترونية دواّرة ينبعث منها أشعة طاقة إشعاعية
كأنها مناراتٌ بيمجرية
،عندما تكون جالساً في منزلك
يرتاح بالك لمجرد التفكير بأن الكون موجودٌ إلى الأبد
،لكن لا تدعه يرتاح كثيراً
فمشاهدات علماء الكون تُشير إلا أنه قد يفنى
فالسؤال الختامي واضحٌ كوضوح الشمس؛
متى يفنى العالم؟
طوّر العلماء ثلاث نظريات معقولة
لما قد يحدث عند نهايته برمته
حالياً، تميل الكفة "أكثر لنظرية "البرد الزمهرير
هذا ما سيحدث إن ظلّ الكون يتمدد إلى الأبد
أولاً؛ ستتباعد المجرات عن بعضها الآخر
النجوم وباقي الأشياء ستنجرف بعيداً ببطء وتموت
أخيراً؛ لن يبقى ،سوى الثقوب السوداء العملاقة
يفصل فيما بينها مسافات أعظم بمئة مرة
من حجم الكون الآني
في الختام؛ ،حتى هذه الثقوب السوداء ستتبخر
وسيبقى الكون هامداً وبارداً وبصريح العبارة ميتاً
،لكن قبل أن تذعروا ربما يحسن بكم أن تعرفوا
أنه ما يزال أمامنا مئة بليون سنة ننتظرها
،حتى ما قبل بداية النهاية عندما تبدأ النجوم في الإنطماس
وذلك زمنٌ قدره 10 آلاف ضعفٍ من زمن وجود الكون
،على جميع الأحوال، حينها
نحن البشر قد نكون اندثرنا منذ أمدٍ بعيد
نهاية أخرى محتملة "تُدعى بـ "الإنشقاق العظيم
تتبنى هذه الدمار العجيب والسريع للكون
لكنها ستحصل شريطة أنه في المستقبل
ستحلّ قوة الطاقة المظلمة الغامضة بطريقةٍ ما محلّ الجاذبية
أولأ المجرات ثم كل شيء بمعنى الكلمة
نزولاً إلى الذرات الضيئلة ستتمزق إرباً
"لدينا أخيراً نظرية "الإنسحاق الشديد
،ليست حبوب إفطار لكنه ما سيحدث
"إن تباطىء "الإنفجار العظيم وزُجّ في مسارٍ عكسي
سينفجر الكون من الداخل في حادثة تصادمٍ عظيمة
فينسحق إلى وحدةٍ ضيئلة
قد يظهر وأنّ التفكير ،في موت الكون جالباً للهم والغم
لكن بعض العلماء يظنون أنّ النهاية قد لا تكون نهاية كل شيء
يعتقد البعض بإحتمالية وجود عوالم موازية تُوجد جنباً إلى جنب مع عالمنا
"يُدعى ذلك بنظرية "تعدد الأكوان
لعلها تكون بعيدةً ،عن متناول أفق إدراكنا للكون
،لكن هناك أكوانٌ أخرى في الخارج
كلٌ يُوجد على حدا كالفقاعات بداخل الجُبن السويسري
أو لعلّ الأكوان الأخرى تحتل فضاءً نعجز حتى عن استيعابه
موجودةٌ في أبعاد إضافية والتي نجهلها حتى اللحظة
،غرابة الكون مجنونةٌ بصورة رائعة
غريبٌ جداً في الحقيقة لدرجة أننا قد لا نفقه أبداً
كيف ولماذا صار موجوداً أو نفقه ماهية الطاقة المظلمة
أو إذا ما كنّا الموجودات الحسّية الوحيدة فيه
وكل اكتشاف جديد أو نظرية تخرج لنا من خبراء بلحىً ومعاطف بيضاء
لديها القدرة لإعادة تدوين كل كتاب يخص المسألة من الألف إلى الياء
،في الوقت الراهن إذاً سأنصرف لأتأمل فصلي
،في المخطط الكوني الأكبر لكل شيء
،عارفاً شيئاً واحداً يقيناً
،أنّ فصلي وفصلك كما أخشى قصيرٌ جداً جداً
ترجمة مهند مسلّم frozendocs.blogspot.com