Tip:
Highlight text to annotate it
X
المترجم: Ahmad Altamimi المدقّق: Hussain Laghabi
منذ أكثر من 10 أعوام ،
وأنا أبحث عن الطريقة التي ينظم فيها الناس المعلومات ،
ولقد لاحظت تحولاً مثيراً للاهتمام.
لفترة طويلة من الزمن،
أننا آمنا بالترتيب التسلسلي الطبيعي في العالم من حولنا،
و ما يُعرف أيضًا بالسلسلة العظمى للكون، أو "Scala naturae" باللاتينية ،
وهو هيكل من أعلى لأسفل ، وغالباً ما يكون الإله في أعلى هذا الهيكل ،
تليه الملائكة، ثم النبلاء،
ثم عامة الناس، ثم الحيوانات، وهلم جرا.
وهذه الفكرة تستند في الواقع على علم الوجود الأرسطي ،
الذي يصنف كل شيء معروف للإنسان في مجموعة من الفئات المتعارضة ،
مثل تلك التي ترونها خلفي.
لكن مع مرور الوقت، من المثير للاهتمام
أن هذا المفهوم اعتمد مخطط الشجرة المتفرعة ،
فيما أصبح يعرف بشجرة بورفيريو،
وتعتبر أيضاً أقدم شجرة للمعرفة .
المخطط المتفرع من الشجرة كان في الحقيقة
استعارة قوية لنقل المعلومات،
والتي أصبحت، مع مرور الوقت أداة اتصال مهمة
لتعيين مجموعة متنوعة من نظم المعرفة.
يمكننا أن نرى الأشجار المستخدمة لخريطة الأخلاق،
مع الشجرة الشهيرة للفضائل وشجرة الرذيلة ،
وكما ترون هنا مع هذه الرسوم التوضيحية الجميلة لأوروبا في القرون الوسطى .
يمكننا أن نرى الأشجار التي استخدمت لتحديد صلة القرابة ،
ومختلف روابط الدم بين الناس.
يمكننا أن نرى أيضا الأشجار المستخدمة لتحديد الأنساب ،
و التي من الممكن اعتبارها أشهر نموذج أصلي لهذه الأشجار .
وأعتقد أن الكثير من الحاضرين هنا قد رأى مرة شجرات أنساب لعائلات .
ومن المحتمل أن الكثير منكم لديه شجرة عائلة رُسمت بهذه الطريقة .
وبإمكاننا حتى أن نرى أشجاراً تُستخدم في نُظم القانون ،
لمختلف المراسيم والقرارات من الملوك والحكام.
وأخيرًا، و بطبيعة الحال، يمكننا أيضا رؤيتها كاستعارة علمية شهيرة ،
يمكننا رؤية الأشجار تُستخدم لتعيين جميع المخلوقات المعروفة للإنسان.
وقد أصبحت الأشجار في نهاية المطاف استعارة بصرية قوية؛
لأنها حقًا تجسد في مناحٍ كثيرة هذه الرغبة الإنسانية
للترتيب ،و التوازن، و الوحدة، والتماثل.
ومع ذلك، نواجه في الوقت الحاضر تحدياتٍ معقدة وشائكة التحديات
بحيث لا يمكن أن تُفهم ببساطة عن طريق توظيف مخطط شجرة بسيط.
والإستعارة الجديدة تنتشر حالياً،
وهي في طور أن تحل محل الشجرة
في تصور نظم المعرفة المختلفة .
إنها حقاً توفر لنا عدسة جديدة لفهم العالم من حولنا .
وهذه الاستعارة الجديدة هي استعارة الشبكة .
ويمكننا أن نرى هذا التحول من الأشجار إلى الشبكات
في كثير من مجالات المعرفة.
يمكننا أن نرى هذا التحول في الطريق ونحن نحاول أن نفهم الدماغ.
في حين أننا في السابق كنا ننظر للدماغ
كجهاز مركزي و وحدة مستقلة ،
حيث كانت منطقة معينة مسؤولة عن مجموعة من الإجراءات والسلوكيات .
كلما زادت معرفتنا بالدماغ ،
كلما نظرنا له كسيمفونية موسيقية كبيرة،
عزفتها مئاتُ و آلاف الآلات الموسيقية .
هذه التقاطة جميلة أنشأها مشروع الدماغ الأزرق،
حيث يمكنك رؤية 10،000 خلية عصبية و 30 مليون فعل تواصل.
وهذا يعين 10 في المئة فقط من القشرة المخية الحديثة الثدييات.
يمكننا أيضا رؤية هذا التحول في الطريق ونحن نحاول أن نتصور المعرفة الإنسانية.
هذه بعض الأشجار البديعة للمعرفة، أو أشجار العلم،
رسمها العالم الإسباني رامون لول.
وكان لول حقيقةً رائداً في هذا المجال ،
حيث أنه من أوائل الأشخاص الذين وظفوا الإستعارة في العلم كشجرة ،
إستعارة نستخدمها كل يوم واحد، عندما نقول:
"علم الأحياء هو فرع من فروع العلم،"
و عندما نقول :
"علم الوراثة هي فرع من العلوم."
غير أن أجمل شجرة من أشجار المعرفة، على الأقل بالنسبة لي،
ربما كات تلك التي أنشأها ديدرو ودالمبرت في الموسوعة الفرنسية سنة 1751.
لقد كان هذا حقاً معقل حركة التنوير الفرنسية،
وهذا التوضيح الرائع كان بارزاً
كجدول محتويات للموسوعة .
وفي الواقع حددت هذه الموسوعة كل ميادين المعرفة
كفروع منفصلة عن الشجرة.
ولكن المعرفة أكثر تعقيداً من هذا .
هناك اثنتان من خرائط ويكيبيديا تبين الارتباط فيما بين المقالات -
حيث المرتبطة بالتاريخ هناك على اليسار، فيما المرتبطة بالرياضيات على اليمين.
وأعتقد من خلال النظر في هذه الخرائط
وغيرها من الموجودة في ويكيبيديا --
أنها كما يُزعم إحدى أكبر البُنى الجذمورية التي سبق أن أنشأها الإنسان --
يمكننا أن نفهم حقا كيف أن المعرفة البشرية أكثر تعقيدا وترابطًا ،
تماما كشبكة.
يمكننا أيضا أن نرى هذا التحول المثير للاهتمام
بالطريقة التي نحدد بها الروابط الاجتماعية بين الناس .
هذا هو المخطط التنظيمي النموذجي.
وأفترض أن العديد منكم رأي مخططًا مماثلًا أيضاً،
في شركاتكم الخاصة، و غيرها.
هي بنية تبتديء من القمة للقاعدة
التي تبدأ عادة مع الرئيس التنفيذي في الأعلى ،
وحيث يمكنك التنقل لأسفل على طول الطريق إلى العمال الفرادى في القاع.
ولكن البشر في بعض الأحيان، جميع البشر هم فريدون من نوعهم بطريقتهم الخاصة،
وأحيانا لا تلعب بشكل جيد في إطار هذا الهيكل الجامد .
وأعتقد ان الإنترنت غير هذا النموذج كثيراً.
هذه هي خريطة رائعة للتعاون الاجتماعي عبر الإنترنت
بين مطورين لغة بيرل .
بيرل هي لغة برمجة مشهورة ،
وهنا يمكن أن ترى كيف أن المبرمجين المختلفين
يتبادلون الملفات ، ويعملون معاً على مشروع معين.
وهنا، يمكنك ملاحظة أن هذه عملية اللامركزية تماما -
ليس هناك زعيم في هذه المنظمة،
إنها شبكة.
يمكننا أيضا أن نرى هذا التحول المثير للاهتمام عندما ننظر إلى الإرهاب.
واحدة من التحديات الرئيسية لفهم الإرهاب في الوقت الحاضر
هي أننا نتعامل مع خلايا لا مركزية مستقلة،
حيث أنه ليس هناك زعيم يقود العملية برمتها.
وهنا، يمكنك أن ترى في الواقع كيفية استخدام التصور.
الرسم البياني الذي ترونه خلفي
ظهر جميع الارهابيين المتورطين في هجوم مدريد في 2004.
وما فعلوه هنا أنهم في الواقع قاموا بتجزئة الشبكة
في ثلاث سنوات مختلفة،
ممثلة في الطبقات العمودية التي ترونها ورائي.
والخطوط الزرقاء تربط
الناس الموجودين في تلك الشبكة سنة تلو أخرى .
وعلى الرغم من أنه ليس هناك زعيم في حد ذاته،
فإن هؤلاء الأشخاص هم على الأرجح أكثر الأشخاص المؤثرين في المنظمة ،
هم الذين يعرفون أكثر عن الماضي ،
وخطط المستقبل وأهداف هذه الخليه .
يمكننا أيضا أن نرى هذا التحول من الأشجار للشبكات
في طريقنا ونحن نصنف وننظم المخلوقات ،
الصورة التي على اليمين هي التوضيح الوحيد
الذي أورده داروين في كتابه "أصل الأنواع "
والذي أطلق عليه داروين اسم "شجرة الحياة".
هناك في الواقع رسالة من داروين إلى الناشر،
تركز على أهمية مثل هذه المخططات .
وكانت ناقدة لنظرية داروين في التطور .
ولكن حديثاً،اكتشف العلماء أنه تحت شجرة الحياة هذه
توجد شبكة كثيفة من البكتيريا ،
وهذه البكتيريا في الواقع تربط
الأنواع التي كانت تماما مفصولة من قبل،
إلى ما يطلق عليه العلماء الآن ليس شجرة الحياة،
بل شبكة الحياة .
وأخيرا، يمكننا حقاً أن نرى هذا التحول، مرة أخرى،
عندما ننظر إلى النظم البيئية حول كوكبنا .
فهل لدينا هذه الرسوم البيانية المبسطة عن الفريسة مقابل المفترس
والتي قد تعلمناها في المدرسة.
وهذا هو تصوير أكثر دقة للنظام البيئي .
هذا المخطط تم إنشائه من قبل البروفيسور ديفيد لافين،
حيث قام بتعين ما يقارب 100 نوع من المخلوقات التي تتفاعل مع سمك القد
قبالة سواحل نيوفاوندلاند في كندا.
وأعتقد هنا، أنه بامكاننا ان نفهم التفاعل والطبيعة المترابطة
لمعظم مكونات النظام البيئي الموجود على كوكبنا .
ولكن على الرغم من حداثة هذا التشبيه من الشبكة،
إلا أنه في الحقيقة يتبنى مختلف الأشكال والنماذج،
وأنه أصبح تقريباً تصنيفاً بصرياً متناميًا
وأنه أصبح تقريباً تركيباً للغة جديدة .
وهذه هي إحدى الجوانب التي حقاً تلهمني .
وهذه هي في الواقع 15 من الأنماط المختلفة
التي جمعتُها في النهاية ،
والتي تظهر حقاً التنوع البصري الهائل لهذا التشبيه الجيد .
ومثال ذلك .
في أعلى الشريط لدينا تقارب شعاعي ،
نموذج التصور الذي أصبح له شعبية عارمة على مدى السنوات الخمس الماضية.
وفي الجزء العلوي الأيسر، فإن المشروع الأول هو شبكة الجينات،
تليه شبكة من عناوين IP -الآلات ،والخوادم -
تليها شبكة من أصدقاء الفيسبوك.
وربما لا تعثر على المزيد من المواضيع المختلفة،
ومع ذلك فإنها تستخدم نفس الاستعارة، ونفس النموذج البصري
لتعيين التعقيدات التي لا تنتهي من موضوعها الخاص.
وهنا بعض من الأمثلة التي قد جمعتها ،
عن هذه الشبكات البصرية المصنفة المتنامية .
ولكن الشبكات ليست مجرد استعارة علمية.
فالمصممون و الباحثون والعلماء يحاولون تعيين مجموعة متنوعة من الأنظمة المعقدة،
وهم في العديد من الطرق يؤثرون على مجالات الفن التقليدية
مثل الرسم والنحت ،
والتأثير على العديد من الفنانين .
وربما لأن الشبكات لديها تأثير جمالي ضخم عليهم ...
إنهم رائعون جداً ...
وأصبحوا فعلياً منخرطين ثقافياً،
ويقودون حركة فن جديدة أسميها "نيتوركيزم " أو ا(لشبكية) .
ويمكننا أن نرى هذا التأثير في هذه الحركة في مجموعة متنوعة من الطرق.
هذا هو واحد فقط من العديد من الأمثلة،
حيث يمكنك أن ترى هذا التأثير من العلم إلى الفن.
المثال على جانبك الأيسر هو رسم الخرائط IP،
هنا خريطة عناوين IP مولدة بواسطة الحاسوب ومرة أخرى سيرفرات ،وأجهزة .
وعلى جانبك الأيمن،
لديك "الهياكل العابرة والشبكات غير المستقرة "شارون مولوي،
باستخدام الطلاء والمواد الزيتية على القماش .
وهنا عدد قليل آخر من لوحات شارون مولوي ،
المعقدة والرائعة .
وهنا مثال آخر لهذا التناغم الجميل
بين العلم والفن
على جانبك الأيسر، لديك "عملية الابتسامة".
إنها خريطة لشبكة اجتماعية مولدةٌ بواسطة الحاسوب
وعلى جانبك الأيمن، لديك "النطاق 4"، والذي أنشأه إيما ماكنالي،
باستخدام الغرافيت فقط على الورق .
إيما ماكنالي هي واحدة من أهم قادة هذه الحركة،
حيث أنها تخلق هذه المناظر الخيالية الرائعة ،
حيث يمكنك أن تلاحظ تأثير التصور الشبكي التقليدي .
ولكن ال networkism أو الشبكية لا تحدث فقط في بعدين.
ولعل هذا هو أحد مشاريعي المفضلة
لهذه الحركة الجديدة.
وأعتقد أن العنوان معبر عنها حيث أنها تدعى :
المجرات التي تتشكل على طول الشعيرات ،
مثل القطرات على خيوط "شبكة العنكبوت " .
ولقد وجدتُ هذا المشروع قويًا جدًا.
وقد تم إنشاؤه من قبل توماس ساراسينو،
واحتل هذه المساحات الكبيرة،
بخلق هذه المنشآت الضخمة باستخدام الحبال المرنة فقط.
كما يمكنك التنقل في الواقع في هذا الفضاء وأن وترتد على طول تلك الحبال المرنة،
وكل الشبكة لديها تغيرات وغالباً كأنها شبكة عضوية .
وهنا مثال آخر
على networkism تم نقله لمستوى مختلف تماما.
تم إنشاء هذا من قبل الفنان الياباني تشيهارو شيوتا
في قطعة تسمى "في الصمت".
وتشيهارو، مثل توماس ساراسينو، الذي ملأ هذه الغرف بهذه الشبكة الكثيفة،
هذه الشبكة الكثيفة من الحبال المرنة والصوف الأسود والخيط،
في بعض الأحيان بما في ذلك الأجسام، كما ترون هنا،
في بعض الأحيان بما في ذلك الأجسام، كما ترون هنا،
ولكن الشبكات أيضا ليس فقط اتجاها جديدا،
و من السهل جدا بالنسبة لنا رفضها على هذا النحو.
الشبكات تجسد حقا مفاهيم اللامركزية،
والترابط والإعتمادية.
وهذه الطريقة الجديدة في التفكير أمر بالغ الأهمية
بالنسبة لنا لحل العديد من المشاكل التي نواجهها في الوقت الحاضر،
من فك شيفرة الدماغ البشري،
لفهم الكون الواسع هناك.
على الجانب الأيسر، لديك لقطة شبكة العصبية على فأرة -
تشبه الى حد بعيد منطقتنا في هذا النطاق معين.
وعلى الجانب الأيمن، لديك المحاكاة للألفية.
وكان هذا أكبر وأكثر محاكاة واقعية
لنمو البنية الكونية.
وقد كان قادرا على إعادة التاريخ ل 20 مليون مجرة
في ما يقرب من 25 تيرابايت من المخرجات.
و من قبيل الصدفة أم لا،
أنني وجدت هذه المقارنة المحددة
بين أصغر نطاق من نطاقات المعرفة وهو - الدماغ -
وأوسع نطاق من نطاقات المعرفة - وهو الكون نفسه -
مزيجًا رائعًا حقًا.
لأنه كما قال بروس ماو ذات مرة:
عندما يتم توصيل كل شيء إلى كل شيء آخر،
فإن كل شيء ذو أهمية للأفضل أو للأسوأ".
شكراً جزيلاً
(تصفيق)